القاهرة - تلقى محبّو باسم يوسف صدمة أمس قبل دقائق من موعد عرض الحلقة الثانية من برنامج «البرنامج» الذي يبث حصرياً على قناة «سي. بي. سي» في تمام العاشرة من ليل كل جمعة بتوقيت بيروت. فاجأ الإعلامي خيري رمضان مقدم برنامج «ممكن» على القناة نفسها، بتلاوة بيان من إدارة المحطة. وجاء فيه أنّ القناة أعلنت منع عرض «البرنامج» لغاية الوصول إلى حلّ لما أسمته بالمشكلات الحالية مع منتج البرنامج.
ورأت أنّ مضمون الحلقة يخالف ما جاء في البيان الذي أصدرته مساء السبت الماضي بعد هجوم مَن يصفون أنفسهم بـ «أنصار الجيش المصري» على باسم يوسف وفريقه في مستهلّ عودته إلى الشاشة من جديد. وكان البيان أورد أنّ منتج البرنامج ومقدمه رفضا الالتزام بالسياسة التحريرية لشبكة قنوات «سي. بي. سي» وأوردا بعض «الألفاظ» في الحلقة الأولى. وأمس، كشفت القناة في بيانها الثاني عن وجود خلافات مادية بين الطرفين بسبب اصرار فريق باسم يوسف على تغيير بعض بنود التعاقد. وهو أمر اعتبره جمهور باسم بمثابة تشتيت الانتباه عن الأزمة الحقيقية، أي منع حلقة من برنامج ساخر هو الأشهر عربياً بعد «ثورة 30 يونيو» التي قال أصحابها بأنّها جاءت لضمان الحريات التي هدّدها نظام الإخوان المسلمين... وتساءل البعض على مواقع التواصل الاجتماعي: «الإخوان تحمّلوا باسم يوسف موسماً كاملاً من البرنامج، فيما عبد الفتاح السيسي لم يتحمّل حلقة واحدة».
جاء منع الحلقة الثانية قبل ثلاثة أيام فقط من بدء محاكمة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي الذي ينسب لفريق «البرنامج» الدور الرئيس في تعبئة الرأي العام ضد المخالفات التي شابتها سياسته طوال عام حكم فيه مصر.
أما الحلقة الممنوعة، فكنّا قد شاهدنا تصويرها في الاستديو قبل أيام. وفيها يرد باسم على بيان «سي. بي. سي» الأول الذي اتهمه باستخدام ايحاءات جنسية رغم أنّ البرنامج للكبار فقط منذ البداية. وقال باسم إنّ القناة نفسها عرضت مسلسل «حكاية حياة» لغادة عبد الرازق في رمضان الماضي، وكان مليئاً بالإيحاءات التي تحدث عنها الجميع وقتها، ولم تقم القناة بمنع أي حلقة. كما لفت الإنتباه إلى أنّ القناة التي منعت عرض المسلسلات التركية بسبب الموقف التركي المعادي لما جرى في «30 يونيو»، عادت وقررت بث تلك المسلسلات رغم أنّ تركيا نفسها لم تغيّر موقفها، متسائلاً عن موقف «سي. بي. سي» من «الثوابت الوطنية» التي تدّعي بأنّ باسم قد تجرأ عليها بينما القناة نفسها لم تستمر في مقاطعة الدراما التركية طويلاً.
إلى جانب ما سبق، شهدت الحلقة تركيز باسم يوسف على غياب المهنية في الإعلام المصري والعربي، ورصد العديد من التصريحات غير المنطقية التي يرددها صحافيون كمصطفى بكري، وأحمد موسى، ومحمد الغيطي حول شراهة الرئيس المعزول نحو الطعام متسائلاً ــ أي باسم ـــــ عن مدى صدقية هذا الكلام، والأهم مدى افادة الجمهور منه.وخصّص الفقرة الثانية للاحتفال ـــــ على طريقته طبعاً ـــ بعيد الميلاد الـ 17 لقناة «الجزيرة»، ورصد فريق الإعداد الكثير من الأخطاء والمغالطات المقصودة التي وقعت فيها القناة القطرية، مع انتقاد مواز للقنوات المصرية التي تحرص على نقد «الجزيرة»، بينما ظهرها مكشوف هي الأخرى مهنياً. وكال يوسف النكات للضيوف المصريين على «الجزيرة» بسبب طبيعة تصريحاتهم خصوصاً محمد الجوادي المتخصص في تاريخ مصر الحديث.
وفي الفقرة الثالثة التي لم تشهد وجود ضيف، قال باسم يوسف للجمهور بجدية واضحة إنّه مستعد لوقف البرنامج إذا قيل له إنّ حلقاته «تهدّد الأمن القومي لمصر»، لكنّه لا يعتقد أنّ مصر بهذا الضعف حتى يهددها برنامج ساخر، مؤكداً أنه لا يصنع برنامجه حتى يهاجم أحداً لصالح أحد، ويشفي غليل طرف ضد الطرف المعارض له، لكنه يقدم وجهة نظره إزاء ما يحدث على أرض مصر من خلال السخرية.
وعلمت «الأخبار» أنّ باسم يوسف المتواجد حالياً في الإمارات لم يكن يتوقع بتاتاً ما جرى، ولم تبلغه القناة بالقرار من قبل. لكن معلومات كثيرة بدأ المتابعون في نسجها للوصول إلى الحقيقة كاملة. إذ كان الصحافي في جريدة الوطن سامي عبد الراضي قد كتب عبر حسابه الشخصي على فايسبوك يوم الإثنين 28 ت1 (أكتوبر) الماضي أنّ المحامي مرتضى منصور (عضو برلمان سابق محسوب على نظام مبارك) قد أخبره هاتفياً أنّ الحلقة الثانية لن تبصر النور قبل تصويرها بيومين، مما فسّر لاحقاً أهمية المظاهرة المحدودة التي جرت خارج المسرح مساء الأربعاء الماضي باعتبارها تغطية على القرار المرتقب كأنّ هناك تياراً شعبياً حقيقياً ضد البرنامج. كذلك، كتب الصحافي مصطفى بكري أحد الذين طالهم الهجوم مساء الخميس عبر فايسبوك أنّ قراراً صدر بوقف «البرنامج» من وزارة الإستثمار التي تدير مدينة الإنتاج الإعلامي، لكنّ رئيس مجلس الوزراء حازم الببلاوي حال دون تنفيذه، وهو الأمر الذي لم يتم التأكّد منه على الإطلاق. غير أن اللوبي المعارض لباسم يوسف ولحرية الإعلام عموماً أراد على ما يبدو الإيحاء بأنّ هناك ضغوطاً رسمية وشعبية لمنع البرنامج.
وفيما حمل محبّو باسم يوسف الفريق عبد وزير الدفاع الفريق الفتاح السيسي مسؤولية ما جرى، ووقف البرنامج بشكل لم يحدث حتى في عهد محمد مرسي، أطلقت القوات المسلحة تصريحاً عاجلاً مساء الجمعة تؤكد عدم علاقتها بما جرى وأنّها لن تقف أمام حرية التعبير.
ويُفترض أن يعود باسم إلى القاهرة مساء الأحد حيث تلقى دعوة لحضور سباق «فورمولا» في الإمارات.



تضامن حقوقي وإعلامي


أعلن عدد من الإعلاميين والحقوقيين تضامنهم مع باسم يوسف بعد إعلان وقف برنامجه، فيما انتشرت دعوات لمقاطعة قنوات «سي. بي. سي» على صفحات التواصل الاجتماعي.
وضمن برنامجه «آخر النهار»، قال الإعلامي محمود سعد: «حزين لإيقاف برنامج «البرنامج». ونريد أن نعلم ما هي سياسة القناة التي قالت إن باسم يوسف خرج عنها؟». وغرّدت صفحة «شباب 6 أبريل» على تويتر: « إلغاء الحلقة يعني تراجع حرية الإعلام في مصر بعد «30 يونيو» وأنّ القنوات تدار بأوامر أمنية ومخابراتية». في حين قال المؤلف خالد دياب: «وقف برنامج باسم يوسف نقطة تحول كبيرة في المرحلة الانتقالية».
في الإطار نفسه، انتشرت دعوات على صفحات الفايسبوك تطالب بمقاطعة قنوات «سي. بي. سي».