رام الله | ما أن عرضت قناة «الجزيرة» تحقيقها عن مقتل ياسر عرفات مسموماً أول من أمس، حتى عادت القضية العالقة منذ ثماني سنوات لتطغى على المشهد الإعلامي. وكالعادة، نالت المحطة القطرية نصيباً وافراً من الاحتفاء والتشكيك. لكنّ السؤال الأول الذي تبادر إلى الأذهان: ما الذي دفع المحطة القطرية إلى إعادة فتح هذا الملف في هذا التوقيت تحديداً. ورغم أنّ هناك إجماعاً فلسطينياً على اتهام إسرائيل بقتل عرفات، إلا أنّ كثيرين رأوا أنّ إثارة القضية ترمي إلى التأكيد على تورّط فلسطيني في «تسميم» الراحل بمادة «البولونيوم» القاتلة. وهذا كان لسان حال الكثير من المعلّقين على فايسبوك وتويتر بعد عرض التحقيق الطويل الذي انتهى بدعوة وجّهتها سهى عرفات إلى السلطة الوطنية باستخراج عينة من جثة زوجها للتأكد من فرضية التسميم بالبولونيوم. إلا أنّ هذه المطالبة أو الدعوة لم تحظ بأي اهتمام بين رواد الفايسبوك وتويتر الذين صار شغلهم الشاغل: مَن قتل أبو عمّار. ومن هذا المدخل، سارع كثيرون إلى التعبير عن حنينهم إلى عهد الراحل وتحسّرهم على الأحوال بعده، ورفضهم المساس بهيبته عبر استخراج جثمانه الراقد في مقر «المقاطعة» في رام الله حيث قضى سنوات الحصار الأخيرة، في حين لم تحظ التفاصيل الواردة ضمن مجريات التحقيق بأي اهتمام، خصوصاً الموقف الفرنسي وموقف الأطباء العرب والفلسطينيين. وفي المقابل، تُتهم السلطة دوماً ـ عبر خصومها السياسيين والعديد من الإعلاميين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ـ بالتواطؤ في عملية قتل أبو عمار ورفض تشكيل لجنة تحقيق جدية خوفاً من النتائج.ومقابل الاحتفاء الذي حظيت به «الجزيرة» بسبب هذا التحقيق «المحترف والمهم»، تساءل بعضهم عن مغزى طرح القضية في هذا التوقيت ومغزاها. وهذا ما عززه ظهور رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي ليعقّب على التحقيق، ويفتي بجواز استخراج الجثة بعد موافقة العائلة. ويرى كثيرون أن القرضاوي والقطريين منحازون لطرف فلسطيني على حساب آخر، وأنّ «نبش» القضية مجدداً يصب في هذا السياق.
بالتوازي مع عرض التحقيق، انتشرت عبر فايسبوك وتويتر مادة صحافية نشرتها «الجزيرة» سابقاً، تتناول تصريحات الضابط السابق في الاستخبارات الفلسطينية فهمي شبانة التي أدلى بها للإذاعة العبرية في 16 كانون الثاني (يناير) 2011. يومها، قال صراحةً «إن خصوماً فلسطينيين للرئيس الراحل ياسر عرفات هم المسؤولون عن موته، وإنه قُتل بسم من نوع بولونيوم». وكان شبانة الذي شارك في لجنة تحقيق في موت عرفات، قد دعا الرئيس محمود عباس إلى استئناف عمل اللجنة من أجل أن يتأكد الجمهور الفلسطيني بأنّ عباس لا يخفي شيئاً. لكنّ تصريحات شبانة لم ترِد في تحقيق «الجزيرة»، ولم يُشَرْ إليها، ما دفع كثيرين إلى القول بأنّ «الجزيرة» دعّمت افتراضاً سابقاً موجوداً وأحسنت استخدامه.