دمشق | بعدما اختارته لجنة «جائزة سخاروف لحرية الفكر» العام المنصرم، نال علي فرزات (1946) أمس «جائزة جبران تويني الدولية لاعام 2012» «تقديراً لمساهمته في الدفاع عن حرية التعبير وفضح تجاوزات النظام السوري عبر رسومه الملتزمة»، وفقاً لبيان الجائزة. وسيتسلّمها عند الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم في مبنى جريدة «النهار» في بيروت.
وكان رسام الكاريكاتور السوري من أوائل الذين انخرطوا في الانتفاضة برسومه الساخرة التي طالت شخصية رئيس البلاد، وهو ما كان يقع في باب المحرّمات. تجاوزه الخط الأحمر، كاد أن يودي بحياته، إذ اختطفته جهة أمنية في ساحة الأمويين، أثناء عودته فجراً من مكتبه (الأخبار 26/8/2011)، وألقت به على طريق المطار بعد تعذيبه، وكسر أصابع يديه، ليغادر إلى الكويت للعلاج، قبل أن يستقر في القاهرة لإطلاق نسخة جديدة من «الدومري» التي كانت أول صحيفة مستقلة تصدر في دمشق، مع بداية عهد الرئيس بشار الأسد عام 2000. لكنّ صدر الحكومة السورية لم يتسع لمانشيتاتها الساخنة في فضح قضايا الفساد، ما أدى إلى سحب ترخيصها. هكذا سارع فرزات إلى افتتاح صالة باسمه، في المكان الذي شهد ولادة صحيفته المحتجبة، معيداً الحياة إلى رسومه الممنوعة، إضافةً إلى نماذج مطبوعة على الفناجين، والحلي، والمنحوتات، والمخدّات «كي يكون الضحك المرّ في متناول الجميع». ولطالما ردد بأنّ مساره هو لسان حال الناس: «كنت أسعى إلى تحريض المتلقّي على التمرّد». الصالة اليوم مغلقة في غياب صاحبها، لكن فرزات، ما زال مستمراً بإهداء رسوماته إلى ملايين المتصفحين لموقعه أو على الفايسبوك، بالإضافة إلى تعليقاته على ما يحدث من خراب واقتتال في بلاده. خلافاً لرسامين آخرين، لم يلجأ فرزات إلى وضع تعليقات مرافقة لرسوماته، مكتفياً بكثافة الفكرة، وقدرتها على مخاطبة المتلقي عبر خطوط ومفردات تحمل بصمته الشخصية التي باتت ماركة مسجّلة. ربما علينا أن نتذكّر هنا، لوحته «الجنرال». جنرال ما يغرف أوسمة من وعاء ويقدمها لرجل بأسمال بائسة. احتج سفير صدام حسين في باريس حينذاك، طالباً إزالة اللوحة من المعرض الباريسي، ومنع معمر القذافي توزيع المجلة التي تحمل رسمة الجنرال داخل بلاده، ومنعته اليمن والأردن من دخول بلادهما. يختزل فرزات سيرته بعنوان الكتاب الذي ضمّ رسوماته طوال عقود تحت عنوان «قلم من الفولاذ الدمشقي» وشعار رافقه هو «عدم تزوير الحقائق، أو المساومة على ضمير الناس».



نجومية «الدومري»

لم يسبق أن حصد رسام كاريكاتور سوري نجوميةً واسعة وخطف الأضواء من نجوم التلفزيون في بعض الأحيان كما حصل مع علي فرزات، خصوصاً عندما حصل على ترخيص جريدة ساخرة بعنوان «الدومري». وقد كان السوريون يصطفون في طوابير طويلة للحصول على نسخ منها قبل أن تمنع ويسحب ترخيصها.
ومع اندلاع الانتفاضة، عاد فرزات إلى الواجهة بمواقفه المعارضة ونشره رسوماً ساخرة جداً من الرئيس السوري وشقيقه العميد ماهر الأسد، وسرعان ما عادت جماهيرية الرسام الشهير عند ضربه، وتكسير أصابعه ورميه على طريق مطار دمشق من قبل عناصر موالية للنظام، ما جعل فرزات يصل إلى الحد الأقصى من المعارضة بعد سفره خارج البلاد.