الرباط | في سابقة مثّلت ضربة للساحة الإعلامية، اعتقلت النيابة العامة في الدار البيضاء الصحافي المثير للجدل رشيد نيني مدير نشر جريدة «المساء» ومالك مجموعة «المساء ميديا». وبعدما وضعته تحت الحراسة، نقلته يوم الأحد إلى «سجن عكاشة». ويأتي هذا الاعتداء على الحرية الإعلامية على خلفية مقالات نشرها نيني في زاويته اليومية «شوف تشوف» (انظر لترى) دفعت الوكيل العام للملك عبد الله البلغيثي إلى اتهامه بـ«المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين».
وقد تلقى الرأي العام هذا الاعتقال باستغراب كبير، خصوصاً في هذا الظرف الذي يمر به المغرب على مستوى صياغة دستور جديد من بين مكوناته تأكيد الحريات بما فيها حرية الرأي والتعبير. اعتقال «القلم الأحمر» ـــــ كما يلقّب ـــــ دفع النقابة الوطنية للصحافة المغربية إلى الإعلان أنّ الإجراءات التي اتخذت في حق نيني لا تستند إلى أي أساس قانوني، إذ إن كل المآخذ ارتكزت على قضايا النشر، مما يعني أن الأمر يتعلق بممارسة الرأي والصحافة، مما لا يعطي الحق للنيابة العامة في إصدار أمر الاعتقال.
لقد وضعت الحكومة المغربية نفسها في مأزق باعتقال «القلم الساخن» الذي يعدّ اليوم من أهم الصحافيين المغاربة. منذ تأسيس «المساء» وهو يدفع بالصحافة المحلية إلى آفاق رحبة لم تختبرها قبلاً، أكان على مستوى التحرير، أو اللغة، ومصادر الخبر، وتحقيق السبق الصحافي، وفضح الفساد في جميع الإدارات الرسمية.
وفي الرباط، تظاهر يوم الأحد عشرات الناشطين والإعلاميين أمام البرلمان احتجاجاً على اعتقال نيني ورفعوا شعارات من بينها «مفسدون في مجون... والصحافي في السجون» و«يا نيني ارتاح ارتاح.. سنواصل الكفاح».
وقال الناشط ومنسّق «المبادرة من أجل الائتلاف من أجل الدفاع عن الحريات الأساسية» وايحمان أحمد إنّ التهمة التي كيلت لنيني «مهزلة» لأنه طالب بإلغاء قانون الإرهاب، وفضح الفساد وطالب بمغرب الحريات. وأضاف أن نيني اعتقل لأنه تحدث عن معتقل تمارة السري، مشيراً إلى أنّ المعتقل موجود وأن كتاباً سيصدر عن الموضوع قريباً. ومن جانبه، أكد رئيس «المركز المغربي لحقوق الإنسان» خالد الشرقاوي السموني أنّ المغاربة سيتظاهرون لإطلاق سراح نيني الذي وصفه بـ«حبيب الجماهير». وأضاف أنّه كان من الأولى للسلطات فتح تحقيق في ملفات الفساد التي تكشفها جريدة «المساء». وختاماً، أعلن مدير مكتب جريدة «المساء» في الرباط إدريس الكنبوري تنظيم وقفات احتجاجية في المدن المغربية، مضيفاً: «السجن للمفسدين وليس الصحافيين».



اعتداءات دائمة

تعرّض رشيد نيني لاعتداء جسدي عام 2008 من عصابة مجهولة. كذلك مثلت جريدته «المساء» ـ هذا المشروع الإعلامي الناجح ـ أمام المحكمة أكثر من مرة. وهذه المضايقات العديدة كان وراءها رموز الفساد وسرقة المال العام في المغرب الذين يخصص لهم نيني زاويته اليومية «شوف تشوف»، إذ كان سباقاً إلى فضح العديد من القضايا والأرقام والوقائع المتعلقة بالفساد ونشرها. وهو الشيء نفسه الذي يتجند له اليوم صحافيون شباب أسسوا صحافة مستقلة لتنوير الرأي العام المغربي بما يحدث في كواليس مغرب اليوم... فمنهم من أخرس، ومنهم من ينتظر دوره.