عاد المشهد الليبي ليتصدّر واجهة الأخبار مع دخول الثوّار طرابلس وسقوط معمر القذافي، لكنّ تغطية الفضائيات أمس بدت متفاوتة بين من حقّق سبقاً صحافياً، ومن شعر بأنّ الخبر شأن عادي، وخصوصاً أنّ عدداً من القنوات فضل البقاء على برمجته الرمضانية، على عكس الزخم الذي رافق الثورتين المصرية والتونسية. «الجزيرة» كانت الوجهة الأولى لمعظم المتابعين. منذ ليل السبت، بدت تغطيتها للحدث الليبي متنوعة بين اتصالات أجرتها بشهود عيان من قلب طرابلس، وتصريحات متحدثين باسم «المجلس الوطني الانتقالي». وانقسمت الشاشة بين مشاهد وصول الثوار إلى العاصمة واحتفالات في بنغازي.
ورغم غياب مراسلي المحطة عن طرابلس، نجحت «الجزيرة» في بث العديد من اللقطات الخاصة للثوار، كما انفردت ببث خبر اعتقال نجلي «العقيد» سيف الإسلام والساعدي. ثم عادت لتؤكد القبض على سيف الإسلام فقط، كذلك أعادت بث تقارير عن تاريخ حكم القذافي وأبنائه، إضافةً إلى مقاطع فلاش باك تذكّر بما كانت تبثّه أيام الثورتين المصرية والتونسية. لكن القناة القطرية حققت سبقاً صحافياً مهماً عندما أجرت اتصالاً بنجل القذافي الأكبر محمد، الذي قال إنّ الثوار أعطوه الأمان في مقره، وناشد الليبيين حقن الدماء. «العربية» بدورها أفردت مساحةً واسعة لتغطية الساعات الأخيرة من نظام القذافي. وكان لافتاً مرور أخبار عن تحليق طائرات حلف الناتو فوق سماء طرابلس، وهو ما لم تذكره «الجزيرة». فيما تنقّل مسؤولو «المجلس الوطني الانتقالي» بين القناة القطرية ومنافستها السعودية.
وفيما اهتمت القنوات الإخبارية العربية بالمشهد الليبي، تأخرت الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية عن اللحاق بالركب. هكذا، اكتفت «بي بي سي» العربية باتصالات مع شخصيات معارضة من طرابلس، وبدت تغطيتها سطحية مقارنة بـ «الجزيرة» و«العربية». أما «فرانس 24»، فلم تكن أحسن حالاً، رغم أنّ الشاشة الفرنسية تتمتع بنسبة متابعة جيدة في المغرب العربي، بينما فضّلت الفضائيات العربية الأخرى، في معظمها، مواصلة عرض مسلسلات شهر رمضان على تغطية سقوط الزعيم الليبي.
هكذا غاب الحدث عن الشاشات اللبنانية، باستثناء «أن. بي. أن»، التي بدت نشطة في بث الأخبار العاجلة تباعاً، إضافةً إلى بث تقارير ومقاطع عن وضع ليبيا تحت حكم القذافي. أما «ماسبيرو» وباقي القنوات المصرية، فبدا موضوع الهجوم على السفارة الإسرائيلية في القاهرة أكثر أهمية لها مما يحدث في ليبيا، وواصلت معظم القنوات بث مسلسلاتها كالمعتاد. ولعلّ قناة «التحرير» بدت القناة المصرية الوحيدة في تغطية الميدان الليبي.
ومن مصر إلى دمشق، بدت الفضائية السورية وشقيقتها الإخبارية، إضافةً إلى قناة «الدنيا»، مشغولة باللقاء الذي أجراه التلفزيون الرسمي مع الرئيس بشار الأسد، وتوارى المشهد الليبي عن تغطية القنوات السورية، التي اكتفت بالتذكير في نشراتها الإخبارية بعمليات حلف الناتو وضحاياه من الشعب الليبي.
وفيما تفاوتت تغطية فضائيات المغرب العربي بين حضور تونسي وتجاهل جزائري، كان التلفزيون الليبي المعني أكثر من غيره بالحدث، يبث برامج دينية وأخرى مسجّلة! هكذا، توحّدت قنوات «الجماهيرية» و«الليبية» و«الشبابية» على عرض هذه المواد. وقد تناقل كثيرون على الإنترنت مقطع فيديو تظهر فيه هالة المصراتي ـــــ إحدى مذيعات التلفزيون الليبي ــــ وقد شهرت مسدساً على الهواء وهدّدت كل من يفكّر في اقتحام مبنى التلفزيون!