القاهرة | لولا مواقع التواصل الاجتماعي، لضاع دم شهداء الثورة المصرية، وسُحل الشباب والشيوخ في الخفاء. كما كان متوقعاً، حاولت قنوات التلفزيون الرسمي طمس حقيقة الاشتباكات التي اندلعت السبت بين المتظاهرين والجيش وأدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. فيما تناولت المحطات الخاصة الموضوع على استحياء. استقبلت الشاشة الحكومية المحللين الذين سبق أن أطلوا على المشاهدين خلال الثورة متّهمين الثوار بالبلطجة، ومدافعين عن العسكر. ورغم ادعاءات المذيعين بـ«نقل الحقيقة كاملة»، إلا أنّ كل وجهات النظر كانت تصبّ في اتجاه واحد.
وتنفّس المسؤولون عن «ماسبيرو» الصعداء عندما نشر المجلس العسكري فيديو يقال إنّه يفضح «هجوماً على مبنى مجلس الشعب، وإشعال النيران في عدد من المباني الحكومية». وعرض التلفزيون الشريط مراراً، محرّضاً على الثوّار.
من جهتها، نشرت القنوات الخاصة عدداً من الفيديوات التي تظهر اعتداءات «كتائب المجلس العسكري»، واستضافت محللين للتعليق على الأحداث. لكن الحوارات بدت خجولة في محاولة لإقناع الجمهور بأن الطرفين مخطئان. وطبعاً، تجاهلت هذه القنوات أن الصراع يدور بين طرف يملك السلطة وآخر لا يملك إلا جسده، وحجارة يحاول الدفاع بها عن نفسه.
على جبهة الإعلام المكتوب، لم تبدُ الصورة مختلفة. الصحف القومية الأبرز «الأهرام»، و«الجمهورية»، و«الأخبار» احتفت بتصريحات المجلس العسكري، ومجلس الوزراء وتبنّت وجهة النظر القائلة بأنّ المتظاهرين مجرد «بلطجية يحاولون الانقضاض على الثورة». أما «الجمهورية»، فكانت الأكثر انحيازاً إلى العسكر، إذ نشرت في صفحتها الأولى، صوراً لمتظاهرين يقذفون العسكر بالحجارة، ووضعت أعلاها عنوان «المنقضّون على الثورة... دولا مين»؟. وإن كان موقف هذه الصحف مفهوماً، فإن علامات استفهام ارتسمت حول تغطية بعض الصحف الحزبية. مثلاً كان عنوان جريدة «الوفد» على الصفحة الأولى «الجيش يحرّر مجلس الوزراء». أما جريدة «الحرية والعدالة» (الإخوان المسلمون) فتجاهلت الأحداث واهتمت فقط بنتائج الانتخابات البرلمانية التي حققت فيها انتصاراً.
من جهتها، حاولت الصحف المستقلة («المصري اليوم»، و«الشروق»، و«اليوم السابع»، و«التحرير») تعديل كفة الميزان، فنشرت صوراً للعنف، ولقطات مختلفة لاعتداء العسكر على الشباب. وأكثر الجرائد جرأة كانت «التحرير» التي نشرت على صفحتها الأولى صورة كبيرة للفتاة التي مزّق العسكر ملابسها وبدا أفراد من القوات المسلحة يعتدون عليها ويركلونها بالأقدام في بطنها وصدرها. أما العنوان الرئيسي فوصف رئيس مجلس الوزراء وأعضاء المجلس العسكري بكلمة «كذابون».
في مقابل تغطية أغلب وسائل الإعلام المنحازة، جاءت مواقع التواصل الاجتماعي لتكشف الحقيقة، وتظهر بالصورة والصوت العنف الذي مارسته «ميليشيات» المجلس العسكري. أما أكثر الصور تداولاً، فكانت صورة الفتاة التي سحلها العسكر، إلى جانب صور اعتداء العسكر على عجوز، وطفل يحتمي بكتلة صخرية. بينما وضع أغلب المصريين على فايسبوك صورة للشيخ عماد عفت الذي استشهد في بداية الأحداث.