القاهرة | مع استمرار العدّ التنازلي للموعد الذي حَدّده رئيس حكومة «الوفاق الوطني» في ليبيا، فائز السراج، للاستقالة من منصبه وتسليم السلطة، تُواصل الأطراف، التي تناحرت عسكرياً على مدار السنوات الماضية، خوض الحوار المباشر في ما بينها، في بلدان عدّة وبوساطات أوروبية وأميركية، في وقت لا تزال فيه النقاط الجوهرية عالقة، مع سعي كلّ طرف إلى تحقيق أكبر مكاسب، لكن وسط استبعاد خيار العودة إلى الصدامات المسلّحة. وعلى رغم أنه لم يتمّ الاتفاق نهائياً بين وفدَي مجلس النواب المنعقد في طبرق و"المجلس الأعلى للدولة" (التابع للوفاق)، في الجولة الثانية من المفاوضات، حول آلية تعيين واختيار شاغلي المناصب الرسمية في المؤسسات السيادية التي سيجري توحيدها، يأمل الطرفان حلّ التفاصيل العالقة خلال الأيام المقبلة، ولا سيما في شأن المراكز السيادية السبعة. وسرّبت مصادر ليبية مواعيد عدّة لتوقيع الاتفاق، لكن هذه المواعيد تُؤجّل ساعة بساعة بسبب الخلافات المستمرّة بين الوفدين ورجوعهما إلى القيادات الغائبة لحسم بعض التفاصيل الفنية، علماً بأنه فور التوقيع سوف تستأنف المفاوضات المباشرة داخل اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» من أجل توقيع الاتفاق النهائي في شأن وقف إطلاق النار، وإنتاج النفط وتصديره من دون قيود زمنية، إضافة إلى إقامة المنطقة المنزوعة السلاح في سرت والجفرة.وفي زيارة هي الثانية خلال أسبوعين، بحث رئيس البرلمان المنعقد في طبرق، عقيلة صالح، في القاهرة، قضايا عدّة مع السفير الأميركي في ليبيا، ريتشارد نورلاند، وزميله في مصر، جوناثان ر. كوهين، إلى جانب مدير «المخابرات العامة» المصرية، اللواء عباس كامل، وذلك بعد لقاءات مماثلة جرت مع أطراف تابعة لقوات خليفة حفتر في الأيام الماضية. واللافت أن القاهرة وواشنطن توافقتا على نقاط جوهرية بعد لقاء «برلين 2» الذي جرى عبر «الفيديو كونفرنس»، وفي مقدّمتها الاستعداد الكامل لإنجاح مسار المفاوضات الأخير المتمثل في اجتماعات جنيف، والتي تتناول تشكيل المجلس الرئاسي الجديد الذي سيتكوّن من رئيس ونائبين ورئيس حكومة، إضافة إلى نواب يمثّلون الأقاليم الثلاثة، على ألّا يُقصى أيّ طرف ليبي.
ظهر عقب «برلين 2» توافق مصري - أميركي مستجدّ في نقاط عدّة


بالتوازي، سيبني المشاركون في جنيف على مخرجات لقاءات الغردقة التي جمعت قادة قوات حفتر و«الوفاق»، في وقت زار فيه السراج إسطنبول للقاء الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بعد شهر تقريباً من الإعلان التركي رفضَ قرار السراج مغادرة منصبه. وعلى رغم أنه لم تُكشف تفاصيل في شأن اللقاءات التي أجراها السراج هناك، لكن تسريبات لنواب في برلمان طبرق تتحدّث عن اجتماعات هدفها تهيئة الأجواء لتحقيق انتقال للسلطة يضمن بقاء التأثير التركي على الأرض، وخاصة في ما يتعلق بالدعم العسكري المتواصل حتى اليوم، وآلية التعامل مع الميليشيات بسبب الاشتباكات بين بعضها البعض في العاصمة طرابلس.
من جهة أخرى، قالت مصادر مصرية، شاركت في لقاءات الأيام الماضية، لـ«الأخبار»، إن هناك «تأثيراً قوياً للاحتجاجات الشعبية على سوء الأوضاع في قرارات الساسة الليبيين، وذلك للمرة الأولى»، وخاصة مع حديث أكثر من مسؤول عن التخوّف من فوضى شعبية نتيجة تردّي الأوضاع خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما دفع المتنازعين إلى تقديم تنازلات وإيجاد حلول وَسَط تضمن، على الأقلّ، استمرار الوضع كما هو من دون تغيير. ومن النقاط الجوهرية التي يجري النقاش حولها راهناً آليات عمل «البنك المركزي» الذي سيخضع لرقابة شديدة خلال الأيام المقبلة، مع أن الآلية نفسها غير محدّدة ولا واضحة لدى جميع الأطراف، على رغم التوافق على وضع قيود ومتابعة تحويل الأموال عبر المصرف، فضلاً عن التدقيق في ما تمّ إنفاقه وسحبه خلال السنوات الماضية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا