دخل رئيس الوزراء الليبي المُكلَّف، عبد الحميد دبيبة، معركة إثبات الذات مع الفرقاء الليبيين، بعدما وضع شروطاً للتوزير في حكومته التي يُفترض أن ينتهي منها قبل نهاية الشهر الحالي، ليبدأ قيادة مرحلة انتقالية جديدة تنتهي في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل بإجراء الانتخابات، وفق المسار الأممي الذي جرى التوافق عليه خلال الأشهر الماضية كأحد مخرجات «ملتقى الحوار السياسي». وسعى دبيبة إلى كسر حواجز عدّة في ما يتعلّق بالتشكيلة الحكومية، لا سيما لناحية نظام المحاصصة في بعض الوزارات، التي اقتصرت في الفترة الماضية على وزراء ينتمون إلى مناطق محدّدة، خاصة وزارتَي الداخلية والدفاع. إلّا أن المفاوضات التي خاضها الرجل في الأيام الماضية تَعرّض فيها لابتزاز واضح من قِبَل بعض الدوائر الانتخابية التي طالبته بتوزير نواب ضمن الحكومة الجديدة، لضمان مشاركة مُمثّلي تلك الدوائر في جلسة منح الثقة التي يُفترض أن يعقدها البرلمان.إزاء ذلك، لا يزال دبيبة على رفضه الخضوع لمحاولات الابتزاز تلك، بعدما دعا جميع التكتّلات إلى طرح أسماء مرشّحيها وتوسيع مروحة الخيارات أمامه من أجل أن ينتقي من بينها شخصيات متوافَقاً عليها تكون مُمثِّلة للأقاليم. لكن هذا الاقتراح لاقى تحفّظات لدى بعض الأطراف التي دعت إلى الالتزام بأسماء محدّدة، وهو ما رفضه دبيبة، مؤكداً أنه لن يَسمح بالانتقاص من سلطته وصلاحياته كرئيس للحكومة لا في التشكيل ولا في ما بعد ذلك، مُلوّحاً باللجوء إلى «ملتقى الحوار السياسي» للحصول على ثقة الحكومة بدلاً من المرور عبر مجلس النواب. ويأتي هذا في الوقت الذي بدأت فيه السلطة الانتقالية العمل من طرابلس مؤقّتاً، حيث اجتمع أعضاء «المجلس الرئاسي»، للمرّة الأولى في العاصمة، مع أعضاء لجنة الحوار العسكري، وناقشوا عدّة أمور من بينها تأمين انعقاد جلسة مجلس النواب لمنح الثقة للحكومة.
يجري الترتيب لزيارة رئيس الوزراء المُكلّف إلى أنقرة من أجل لقاء الرئيس التركي


وفيما يسعى نواب معارضون لرئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، إلى عقد الجلسة في طرابلس حال توافر النصاب المطلوب لالتئام البرلمان الذي لم يجتمع مُوحَّداً منذ نحو 7 سنوات، يباشر صالح وأنصاره تجهيزات عقد الجلسة في سرت، وسط تنسيق مع الجهات العسكرية والأمنية لضمان تأمين جميع النواب الراغبين في الحضور من مختلف أنحاء ليبيا. ويُخشى أن تتسبّب مسألة مكان الانعقاد في إشعال الصراع العسكري مجدّداً، خاصة مع انقسام أعضاء اللجنة العسكرية «5+5»، وتقديمهم آراء مختلفة في هذا الإطار. ففيما أكد الأعضاء التابعون للواء المتقاعد خليفة حفتر، لصالح، القدرة على تأمين التئام الجلسة في سرت، قدّم الأعضاء الموالون لـ«الوفاق» تأكيداً مقابلاً لرئيس الحكومة المكلّف، بجاهزية طرابلس لتكون مكان انعقاد البرلمان، وسط مطالبة عدد من النواب بالتوجُّه إلى خيار ثالث هو صبراتة. وتُعدّ هذه المرّة الأولى، منذ وقف إطلاق النار في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بموجب اتفاق جنيف، التي تُصدر فيها اللجنة قرارات منقسمة ومنفردة، في وقت يتابع فيه المبعوث الأممي إلى ليبيا، يان كوبيش، الوضع عن كثب، متواصِلاً مع أطراف عديدة لرأب الصدع.
في المقابل، يبدو أن خطوات عملية إعادة توحيد المؤسّسة العسكرية بدأت بالفعل، من خلال الاجتماعات التي عقدها دبيبة، ورئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، مع المسؤولين العسكريين في حكومة «الوفاق»، في ظلّ توقُّعات باجتماعات قريبة للجنة العسكرية بحضور عدد أكبر من المسؤولين خلال الأيام المقبلة، للاتفاق على خطوات عملية الهيكلة. ويعقد دبيبة والمنفي اجتماعات متعدّدة خلال الفترة الحالية في طرابلس، توازياً مع اللقاءات التي جرت في مدن أخرى. وعلى خطٍّ موازٍ، يجري الترتيب لزيارة رئيس الوزراء المُكلّف إلى أنقرة، من أجل لقاء الرئيس التركي، رجيب طيب إردوغان، وهي الزيارة التي جرى تأجيلها من الأسبوع الماضي لأسباب داخلية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا