الانتخابات القادمة في المغرب هي الثالثة بعد إقرار دستور 2011
وتصاعدت، أخيراً، حدّة الجدل بين الأحزاب المغربية بخصوص تعديل القوانين الانتخابية، ولا سيّما القاسم الانتخابي الذي أضحى موضوع خلاف بين "حزب العدالة والتنمية" ذي المرجعية الإسلامية من جهة، وباقي الأحزاب من جهة أخرى. وفي هذا الصدد، وصف القيادي في "العدالة والتنمية"، عبد العزيز أفتاتي، في تصريح إلى الأخبار، القاسم الانتخابي الجديد بـ"القاصم الانتخابي الاحتيالي"، عادّاً إيّاه "حفْراً تحت أسس الديموقراطية ومن بينها الأحزاب، التي يسعى هذا التعديل إلى إضعافها وإضعاف المشهد السياسي"، متسائلاً: "ما الحاجة إلى أحزاب سياسية ضعيفة؟". وأشار أفتاتي إلى أن "القاصم"، كما وصفه، "سيجعل الحزب الأول تحت نسبة 20 بالمئة من مقاعد مجلس النواب، وبحضور وتمثيل لفيف عريض حزبي تابع لجهات معيّنة، ما لا يمكن تجميعه إلّا بواسطة أدوات تلك الجهات غير المؤسّساتية"، مضيفاً إن هذا الأمر "سيحول دون تشكيل أغلبيات سياسية مسؤولة، ومن ثمّ عرقلة تشكيل حكومة ومكاتب جماعات ترابية منسجمة". وتابع أن ذلك سيفتح المجال، أيضاً، "لتدخُّل جهات لها نفوذ ولا علاقة لها بالانتخابات، في تشكيل مؤسّسات دستورية يُفترض أنها إفراز حرّ ونزيه وشفّاف لإرادة الشعب، وبالتالي سيقصم إرادة الشعب وسيُعلي من شأن السلطوية". واختتم أفتاتي حديثه بأن ما يحدث هو "أضحوكة غير مسبوقة في تاريخ الاستبداد الانتخابي"، معتبراً أن على "المحكمة الدستورية تصحيح هذه المسخرة، وإلّا سيُدرَج المغرب، على رغم ما راكمه، في سياق زحف الثورات المضادّة".
في المقابل، لفت القيادي في حزب "الاستقلال المغربي"، محمد شيبا، في حديث إلى "الأخبار"، إلى أن "الجدل القائم حول القاسم الانتخابي ستَحسمه المحكمة الدستورية، سواء بدستوريّته، وبالتالي اعتماده في الانتخابات، أو عدمها فيُلغى هذا التعديل". ورأى شيبا أن هذا القاسم له مجموعة من الإيجابيات؛ من بينها "السماح لمجموعة من الأحزاب بولوج البرلمان"، مشيراً إلى أن "هناك مَن يعتبره بلقنة للمشهد السياسي"، و"هناك مَن يراه تمكيناً لكلّ الأحزاب الصغيرة وإعطاءها الفرصة للظفر بمقاعد برلمانية، وبالتالي تتحقّق الديموقراطية والعدالة الحزبية داخل البرلمان". وحول رفض "العدالة والتنمية" لهذا القانون، قال شيبا "إن توفُّر هذا الحزب على قاعدة انتخابية عريضة، دائمة وملتزمة، يُحقّق له فوزاً في الانتخابات بحسب القاسم الانتخابي المعتمِد على الأصوات المُعبَّر عنها، بينما القاسم الجديد قد يُضعف حظوظه في الاستحقاق القادم، وسيفقده مجموعة من المقاعد، وهو ما أثار حفيظة أعضائه". وطرح علامات استفهام حول "تجويد العمل البرلماني التشريعي، ومدى تمكُّن البرلمانيين الحاليين أو القادمين من القوانين التشريعية والتنظيمية، ومعرفتهم لأدوارهم ومهماتهم داخل البرلمان، وعلى رأسها الترافُع لأجل قضايا المواطن بالدرجة الأولى"، متسائلاً: "أيّ برلمان نريد؟ وأيّ فاعل سياسي نريد؟"، منبّهاً إلى أنه "إذا كان الهدف من القاسم الانتخابي هو تمكين أيٍّ كان من الوصول إلى البرلمان، فإنه سيحدث تمييعاً للمؤسّسة وللمشهد السياسي العام". وشدّد شيبا، في نهاية حديثه، على ضرورة "الرفع من مستوى العمل السياسي ومستوى مُمثّلي الشعب المغربي"، في إشارة منه إلى أن "هذه الآلية المعتمدة ستُمكّن وجوهاً جديدة من الصعود إلى البرلمان، الأمر الذي يوجب على الأحزاب السياسية تقديمها للكفاءات ومَن هم قادرون على التعبير عن الإرادة الشعبية، بمستوى معرفي قانوني عالٍ".
يُذكر أن الانتخابات القادمة في المغرب هي الثالثة بعد إقرار دستور 2011 ــــ إثر موجة احتجاجات قادتها "حركة 20 فبراير" آنذاك ــــ، الذي قاد "حزب العدالة والتنمية" المغربي إلى تصدُّر الانتخابات التشريعية منذ ذلك الحين، عبر الاعتماد على القاسم الانتخابي على أساس الأصوات المُعبَّر عنها.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا