طرابلس | عاد المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبدالله باتيلي، ليمنح فرصة أخيرة لمجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» من أجل تسوية خلافاتهما التي لا تزال تُعرقل إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، على رغم تكرار إعلان تَوافقهما. وجاء إعلانه هذه «الفرصة» بعد أيام من اعتباره السلطات المختلفة في ليبيا فاقدة للشرعية نتيجة إطالتها أمد المرحلة الانتقالية، في ظلّ غياب الحلول والرؤى المشتركة لإجراء الانتخابات، وفق ما أفاد به باتيلي، مجلس الأمن الدولي، أخيراً. ولا يخفي المبعوث الأممي رغبته في التوجّه سريعاً نحو إتمام الاستحقاق الانتخابي، وتسليم السلطة لرئيسٍ وحكومة منتخبَين، بصرف النظر عن أيّ اعتبارات أخرى، ومنها مدى استقرار النظام السياسي الذي سينتجه الاستحقاق. ويفتح هذا الخيار على مسارَين رئيسَين: الأوّل، من خلال مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» واللذين يمكنهما الاتفاق على قاعدة دستورية يُجرى على أساسها التصويت؛ والثاني، اختيار فريق رفيع المستوى من قِبَل «بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا»، يكون معنيّاً بإعداد مسار سياسي يمهّد للعملية الانتخابية بشكل كامل.
يراهن المبعوث الأممي جديّاً على مساره البديل لإشعار المسؤولين الليبيين بالخطر

وفيما يعوّل باتيلي على رغبة الليبيين في إجراء الانتخابات بغضّ النظر عن الخلافات السياسية المعقّدة بين القائمين على السلطة، وكذلك التحرّكات الإقليمية التي لم تفلح في الوصول إلى رؤى حاسمة، فهو يقترح عقْد حوار ليبي - ليبي بعيداً من المجالس التشريعية التي أخلّت بالاتفاقات المعلَنة، ولم تعطِ اهتماماً للناخبين، كما قال. وفي المقابل، يقرّ المبعوث الأممي بنقص المتطلّبات القانونية لإتمام الاستحقاق، وإنْ كان يرجع الأمر، في الوقت نفسه، إلى النقطة الجوهرية التي لم يستطع رئيسا مجلسَي النواب عقيلة صالح، و«الأعلى للدولة» خالد المشري، التوافق عليها، والمرتبطة بمَن يحقّ له الترشّح للانتخابات الرئاسية. وتَستهدف مبادرة الحوار السياسي التي يتبنّاها باتيلي لتكون بديلاً من مسار صالح والمشري، تسوية جميع القضايا التي تعرقل إنجاز الانتخابات، بمشاركة رئيس «المجلس الرئاسي»، محمد المنفي، الداعم لهذا المسار، والذي سيركن إليه المبعوث الأممي في حال عدم وفاء رئيسَي «النواب» و»الأعلى للدولة» بوعودهما في ما يتعلّق بالإسراع في توفير البنية التشريعية لإجراء الانتخابات في حزيران المقبل.
هكذا، يحاول المبعوث الأممي إشعار المسؤولين الليبيين بالخطر، ودفْعهم إلى تمرير القواعد القانونية المطلوبة لإجراء الانتخابات، فيما يحاول إشراك الأطراف الإقليمية المعنيّة في المسارات التي يتحرّك فيها لضمان عدم عرقلة أيّ طرف لرؤيته المستقبلية. ومن المنتظر أن يعقد باتيلي عدّة اجتماعات مع الأطراف والشخصيات السياسية المختلفة، ومن بينها صالح والمشري، للتوافق على رؤية عنوانها الإسراع في الانتهاء من التعديلات القانونية، وتحديد موعد ملزِم لإنهاء خلافات مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» حول صياغة قانون محدَّد تجري على أساسه العملية الانتخابية. ولن يطلب باتيلي، هذه المرّة، قاعدة دستورية وقانونية فحسب، بل أيضاً ضمانات من مختلف الأطراف، وعلى رأسها التنسيق الأمني الذي من شأنه أن يضمن حرية تحرّك جميع المرشّحين بين مختلف المناطق في ليبيا، بالإضافة إلى التأمين الكامل للأماكن التي سيجرى فيها الاقتراع.