البولتونيّة
تعقيباً على «خطّة حريريّة للمواجهة» («الأخبار»، 30/10/2010):
غريب أمر جماعة 14 آذار وأمر سعد الحريري وتياره السياسي. أما سبب الغرابة فهو بالتحديد كيفية تعامل هؤلاء مع حزب الله والمقاومة، وأوّلاً وأخيراً مع أهل الجنوب الذي لم يزره فؤاد عبد الباسط رغم كل ما أصابه من خراب ودمار، ولم يزره سعد رفيق سوى مرة واحدة عند حضور أمير قطر. وقد شاهدناه جميعاً على شاشات التلفزيون عابساً ومقطّباً، كأنه يحضر جنازة أو مأتماً لا عرس تحرير وانتصار على العدو...
ما نريد قوله الآن هو أن جماعة فيلتمان وبولتون في لبنان، وفي طليعتهم تيار المستقبل وبقايا 14 شباط، لا يتركون حزب الله وشأنه، بل «يتحرّشون» به كلما سنحت لهم الفرصة.
بعد ولاية صبحي الطفيلي، انتهج حزب الله سياسة الابتعاد عن الشؤون الداخلية، فلم يخض أي معركة مع أي طرف آخر. بل اكثر من ذلك، لم يتدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية والإدارية الداخلية... ركّز الحزب اهتمامه على المقاومة وعلى تحرير الجنوب، ولم يتعرض للفساد وسوء إدارة أمور البلاد والعباد. وهكذا سُرقت ساحة الشهداء ومحيطها بواسطة سوليدير التي أطلقت عليها اسم الوسط التجاري. وسُلب ونُهب المال العام ورُكّبت الديون على الشعب اللبناني، ولم يتدخل حزب الله.
ولكنّ جماعة فيلتمان وبولتون في لبنان لم يعاملوا حزب الله بالمثل. كانوا ينتهزون كل مناسبة لكي يجرّوه إلى الداخل حتى يقال إنه ليس حزباً مقاوماً، وإنه يستعمل سلاحه في الداخل.
ومن ينظر إلى قرارات 5 أيّار المشؤومة بمنظار الحق والمنطق... والبيان الوزاري، يعلم سبب استغرابنا.
في البيان الوزاري لتلك الحكومة حديث عن «المقاومة الباسلة» وعن ضرورة تحرير ما بقي من الأرض واستعادة الأسرى بكل الوسائل المتاحة. وفجأة نزل الوحي البولتوني على بقايا تلك الحكومة، فاجتمعت في ليلة ظلماء، وقررت أن الخطوط الهاتفية التي تستخدمها المقاومة غير شرعية، وفيها اعتداء على المال العام (هذا المال الذي لا يعرف أحد كيف سُلب ونُهب من دون موازنات وقطع حساب منذ 1992)...
واليوم يحاول جماعة المستقبل وبقايا 14 شباط جرّ حزب الله مرة جديدة إلى الداخل عبر المحكمة الدولية ولجنة تحقيقها. وبغض النظر عما إذا كان التحقيق في حاجة إلى معلومات من تلك العيادة النسائية، فإن ما حصل هناك مهزلة ما بعدها مهزلة. فقد بدأ المحققون بطلب معلومات عن خمسة آلاف مريضة، وبعد الجدال والنقاش وصل العدد إلى 17.
فهل هذا تحقيق؟ وهل هو دولي؟ أم هو مساومة في سوق الجمعة...؟
اتركوا حزب الله وشأنه، فهو لا يقاسمكم ولا يحاصصكم! دعوه يقاوم ولا تشدّوه إلى الداخل!
جاسر جبّور