الجيش والقوّات
ردّاً على مقالة «الجيش يتعهد الأمن: احذروا القوات» («الأخبار»، 8/10/2010):
إن المراقب لمسار القوات اللبنانية منذ ثورة الأرز يعرف أن اللازمة التي ما انفكت القوات ترددها هي أن الجيش هو المسؤول الأوحد عن الأمن في البلاد. يكفي لذلك العودة إلى كلمة رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع في قداس الشهداء عندما قال إن أبواب الجمهورية ليست مشرّعة؛ لأن القوى الأمنية الشرعية من جيش وقوى أمن داخلي تحميها...
لقد أخذ الجيش على عاتقه مشكوراً التدابير الأمنية خلال مهرجان القوات الأخير، ولم تسجل خلاله أية حادثة. لم يكن دور الجيش خلال المناسبة توجيه رسائل، كما أوحى سعود، بل كان لحفظ الأمن، ودورنا كما سائر اللبنانيين، عدم الإخلال بالأمن وعدم استباحة القوانين.
إن القوات اللبنانية تشكر قائد الجيش لإرساله ممثلاً شخصياً عنه لحضور قداس شهداء المقاومة اللبنانية، مع ما تحمله هذه الخطوة من مدلولات لجهة مساواة الجيش بين جميع مكونات الشعب اللبناني وفئاته.
صحيح أن للجيش دوره في الرصد والمتابعة، لكنه يعلم تمام العلم أن فريقاً واحداً يملك السلاح، هو حزب الله الذي تأذى منه الجيش تحديداً، يوم قتل له النقيب الطيار سامر حنا فوق تلة سجد.
لكن يبدو أن النيات المبيّتة التي تضمر شراً للبنان هي التي تقف وراء نغمة التسلّح وسيناريوات الحرب، وحسبنا لدحض هذه المزاعم أن نحيل كاتب المقالة على ما قاله رئيس الجمهورية، بعد مراجعة المراجع الأمنية المختصة، أن لا تسلّح في البلد وكررها بالأمس قائد الجيش.
في مطلق الأحوال، معروفة هي الجهة التي لديها النية في تغيير الوضع القائم، وليس المهم التعمية في هذا الموضوع بحجة النظر إلى الجهة التي تتسلّح: فقط حزب الله وبعض التنظيمات التابعة لسوريا مباشرة في لبنان تملك السلاح.
أمّا من حيث التنسيق بين القوات والسلفيين، فالجميع يعلم أن لا شيء يجمع القوات اللبنانية بالحركات السلفية من حيث المبادئ والرؤى السياسية. ومن حيث الواقع، لا اجتماعات حصلت بين الطرفين ولا قواتيين يترددون على منزل مسؤول سلفي، وبالتالي لا صحة لكل هذه الادعاءات. المعروف عن القوات أنها لا تخاف من شيء، وهي عندما تتعامل مع أحد، ففي العلن تفعل ذلك وليس في السر كالآخرين.
أما لجهة الإشادة بالقوات والإعجاب برئيسها، فليس على كاتب المقالة أو غيره أن يترجموهما على أنهما تعاون وتنسيق، وإلا فإن لائحة المنسقين مع القوات ستطول إلى ما لا نهاية.
إن القوات اللبنانية بعدما وضعت الحرب رحالها انقلبت إلى حزب سياسي بامتياز، ولم تعد تقاس بعمر المنضوين تحت رايتها، بل بقدراتها المتمثلة: بانتشارها من شمال لبنان إلى جنوبه، بكونها تضم في صفوفها المخضرمين الذين انتقلوا نهائياً إلى العمل السياسي، بكونها تعبّر عن تطلعات جيل الشباب الحامل الشهادات والمسلّح بعلمه وثقافته لخوض معترك الحياة وبناء لبنان الجديد، بكونها تضم كتلة نيابية ناشطة ووزيرين يتحملان المسؤوليات الوطنية، بكونها تُعدّ لإطلاق حزب عصري، بكون إعلامها حاضراً دوماً وأبداً للدفاع عن ثوابتها الوطنية والأخلاقية، بكون انتشارها فاعلاً في أقطار العالم الأربعة دعماً ومؤازرة للبنان ومؤسساته، وفي طليعتها الجيش اللبناني.
ثم إنه من السذاجة بمكان القول إن القوات تدعي حماية المناطق المسيحية، ذلك أنها تريد لبنان كله بحماية الدولة، أما الانقلابيون فهم من لديهم النية في تهديد لبنان الدولة والكيان وتقطيع أوصاله.
لقد استوقفنا قول الكاتب إنه في 7 أيار كانت مجموعات من القوات تستعد لتحرك عسكري، وهو كلام عار من الصحة جملة وتفصيلاً، لا بل أكثر من ذلك، فإن القوات طلبت في 9 و10 و11 أيار 2008 من محازبيها إخلاء المراكز الحزبية في مناطق بيروت والمتن الجنوبي منعاً لأي تصادم مع أي فريق لبناني.
من المعلوم أنه بحسب القوانين العسكرية لا أحد يدلي بمعلومات إلا المصادر المأذون لها ومديرية التوجيه. لذلك فإن نسب المعلومات إلى مصدر مسؤول في الجيش هو أمر مستغرب وغريب عن عادات الجيش وقيمه، ولا يمكنه أن يكون إلا لذرّ الرماد في العيون.
أما بخصوص الاستفادة من الأحداث لشدّ العصب المسيحي وإيهام المسيحيين بأن القوات تدافع عنهم، فهو كلام غير صحيح، ودليلنا على ذلك حادثة مقتل جورج أبو ماضي في عين الرمانة التي لم تستثمرها القوات ولم تصبّ الزيت على النار، بل عملت بكل ثقلها على تهدئة الخواطر والنفوس منعاً للانجرار إلى الفتنة المذهبية القاتلة، رغم كل الاستفزازات.
د. هاني صافي (رئيس الدائرة الإعلامية في القوات اللبنانية)

■ ■ ■

العقار 461

ردّاً على ما ورد في هذه الزاوية عن هدم مبنى تراثي في الميناء («الأخبار»، 8/10/2010):
يهم «الأخبار» أن تبين أن رئيس بلدية الميناء محمد عيسى قال لها عندما اتصلت به، إنه أعطى موافقة شفهية لمالكي العقار لتنظيفه من الأعشاب. لكن «الأخبار» تذكّر عيسى بأنها سألته إن كانت جدران المبنى وحجارته قد انهارت سابقاً قبل عملية التنظيف فرد بالنفي، فضلاً عن أن صوراً عدة التقطت للمبنى قبل فترة من انهياره، توضح تماسكه، وأنه ليس معقولاً أن تسبّب عملية نزع أعشاب عنه وحوله انهياره!
إضافة إلى ذلك، فإن لجنة الآثار والسياحة في بلدية الميناء سألت في كتاب رفعته إلى عيسى في 14/9/2010: «هل إزالة الأعشاب تستدعي دخول جرافة إلى العقار المذكور؟»، ما يدل على أن الجرافة دخلت إلى العقار وقت إزالة الأعشاب، لا بعد انهيار الجدار كما يقول.
إلا أن عيسى تجاهل في رده على «الأخبار» أمرين: الأول يتعلق بما أشيع عن أن أحد النافذين في بلدية الميناء عقد صفقة مع المالكين تقدر بأكثر من مليون دولار أميركي تمثلت في شرائه الطبقتين الأرضية والأولى من المبنى الذي سيشيّد لاحقاً في العقار. والثاني أن عيسى قال في رده إنه اتخذ «الخطوات القانونية الكفيلة بإعادة الأمور إلى نصابها وفقاً للقانون»، من غير أن يوضح طبيعة هذه الخطوات.