خالد صاغية«لن نستمع إلى قرار ظنّي مبني على التزوير، وفيه أيّ دليل إسرائيلي مباشر أو غير مباشر»... «إذا انطوى القرار على هذه التلفيقات [دير شبيغل]، فسنرفضه من أساسه»... «لن نقبل بقرار يلتفّ سياسيّاً حول رقبة المقاومة، أو حول سلاح المقاومة الذي يبحث على طاولة الحوار»... «سنواجه المحكمة التي تأتينا بأدلّة إسرائيلية لاتهام المقاومة»...
هذه العبارات وردت، أمس، على لسان النائب الأقرب إلى رئيس الحكومة سعد الحريري. وهي ليست بالضبط العبارات التي تريح حزب اللّه، لكنّها تقترب من أن تكون كذلك، خصوصاً إذا ما ردّدها رئيس الحكومة لا أحد نوّابه. لكن مجرّد خروج تلك العبارات إلى العلن يعني أنّ ما من حائط مسدود من جهة تيّار المستقبل، في ما يتعلّق بإصدار موقف رافض لأيّ قرار اتّهامي يصيب حزب اللّه أو عناصر منه. وذلك برغم كلّ المواقف التصعيديّة التي أدلت بها، أمس، شخصيّات «مستقبليّة» ساءها ما ورد على لسان النائب أعلاه.
وفي المقابل، صدرت تصريحات عديدة من جهة المعارضة السابقة تتمسّك بسعد الحريري رئيساً للحكومة، لا بل تقرّ بأنّ البحث عن بديل له هو بحث غير واقعيّ مطلقاً. وهذا لا ينبع من كون «تركيبة البلد» طائفية وحسب، بل من كون «تركيبة» المعارضة طائفية أيضاً. تلك المعارضة التي لم تنجح في أن تكون ما ادّعته يوماً «المعارضة الوطنيّة اللبنانيّة». وفي حال كهذه، يمكن البناء على التصريحات المطمئنة للحريري، خصوصاً إذا ما صدرت عن المعارضة السابقة مجتمعة.
هذان الموقفان، المعارض والموالي، يصلحان كسدّ في وجه الفانتازمات التي تراود الطرفين في لبنان: فانتازم «الانقلاب»، وفانتازم «العدالة الدوليّة»، في ظلّ وجود سياسيّين باتوا معتمدين لدى الطرفين من أجل الترويج لفانتازمات كهذه.
بات عالم الخيال هذا هو الخطر الحقيقي على لبنان، خصوصاً أنّه خيال إغوائيّ. فلعلّ أكثر ما يحتاج إليه اللبنانيّون اليوم، ولا سيّما زعماؤهم، هو قدر من الواقعيّة والعقلانيّة، أي قدر من السياسة في إدارة شؤون البلاد. فعالم المال، تماماً كعالم العسكر، هو عالم المجازفات. عالم الربح والخسارة. عالم الربح السريع والخسارة القاتلة. وهذا بالضبط ما ينبغي إبعاد البلاد عنه.