محمد صادق الحسيني *أن يكون الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على «بوابة فاطمة» أو قريباً منها ليخاطب إسرائيل من مارون الراس أو بنت جبيل بأن «بيتهم أوهن من بيت العنكبوت» يعني بالضرورة أن «انقلاباً» قد حصل أو في طريقه للحصول ليس في لبنان فحسب، بل في المعادلة العربية الحاضنة أيضاً!
طبعاً هو ليس من نوع الانقلابات التي تتحدث عنها منذ مدة جماعة 14 آذار، بل هو من نوع الانقلاب على الانقلاب الذي ظل يتحدث عنه الصديق المرحوم جوزف سماحة، والذي ظلّ يحذّر وينبّه منه إن كنتم تتذكرون: «ثمة من يخطط لنقل لبنان من ضفة إلى أخرى». ولمّا كانت الدنيا «يوم لك ويوم عليك»، ها هو لبنان يعود الى ضفته الأصلية ليلغي بذلك مفاعيل الانقلاب الظالم والمجحف!
لبنان يعود الى ضفته الأصلية ليلغي بذلك مفاعيل الانقلاب الظالم والمجحف
قد لا يكون في نية أحمدي نجاد الرئيس أن يلقي حجراً عبر بوابة فاطمة، تماماً كما أنه لم يأتِ إلى لبنان ليعلن معاداته لأي طرف لبناني أياً كانت توجهاته، لكنه هو ذلك الرئيس المقاوم الذي يرمي أكثر من حجر على الكيان المغتصب كما قال عنه الأمين العام لحزب الله. وبالتالي، فإن مجرد زيارته للبنان وتجواله على أرض عاملة هو إنهاء عملي لمفاعيل انقلاب خُطّط له قبل نحو خمسة أعوام في الغرف الدولية السوداء ضد لبنان السيّد السيادي المستقل، وها هي الأمور تعود أو تكاد إلى نصابها!
ولمّا كان الرئيس القادم للبنان هو من جنس الناس الذين يعتقدون، كما الكثير من أبناء شعبه والكثيرون من أبناء الأمّة العربية والإسلامية، بأنّ ما بُني على باطل فهو باطل، فإنّه سيعلن أنّ ما بني على شطب خريطة فلسطين التاريخية من جغرافية المنطقة هو باطل قطعاً ولا بدّ أن يزول يوماً، وأن زواله هذا سنّة كونية قد لا تحتاج إلى دليل من جنس الحجر الطيني!
هذا هو معنى ما ذهب اليه نصر الله من أن نجاد يرمي أثقل من حجر، وهو المعنى الأكبر والدلالة الأهم التي تشير اليها زيارة نجاد الى لبنان في وقت تجد فيه إسرائيل نفسها في موقع المراوحة، فيه استنزاف والعودة عنه استحالة والتقدم منه الى الأمام مقامرة!
إنها ليست ساعة المنازلة الكبرى البتة والتي لم تحن بعد بالتأكيد. لكنها اللحظة الأصعب في حرب الاستنزاف الروحية والنفسية التي تمر على «الكيان» الطارئ، وذلك عندما يصل من طرفه الشمالي حيث «بوابة فاطمة» رجل من تلامذة ذلك الامام الذي وصف «الكيان» يوماً بأنه غدّة سرطانية، فلا بد أن تزول في لحظة لا تحتاج الى رمي حجر من رجل من جنس احمدي نجاد. بل إن من مثله قد يكفيه أن يرمي ببصره أقصى القوم لتزول مفاعيل منظومة حربهم الدعائية، ولم يزل هو ولم يزل لبنان!
* كاتب إيراني