«سوليدير» لا تخالف القانون!
ردّاً على التقرير المنشور في «الأخبار» بتاريخ 6/9/2010 بعنوان «السطو على أملاك الدولة في وسط بيروت»، تستغرب شركة «سوليدير» استعمال صحيفتكم عبارات مثل «السطو» و«الاستيلاء» و«وضع اليد» و«مخالفة القانون» والاستمرار في تضليل الرأي العام من خلال نشر معلومات مغلوطة وغير صحيحة، من دون أن تكون مسندة إلى أي وقائع ثابتة أو إلى أي مسوغ قانوني، وهو ما يُعدّ تشهيراً وتجريحاً وقدحاً وذماً بالشركة التي تحتفظ بكل حقوقها في هذا الشأن.
ويهم شركة سوليدير أن توضح للرأي العام الوقائع والمعطيات القانونية الآتية:
1ـــــ تعمل شركة سوليدير منذ تأسيسها وفق أحكام القانون الرقم 117/1991 والمرسوم 5665/94 المتعلق بالاتفاقية بين الدولة وشركة سوليدير والمتضمن تكليف الشركة تمويل وتنفيذ أشغال البنية التحتية في وسط بيروت التقليدي ومنطقة الردم المستحدثة وفق أحكام التصميم التوجيهي، وتمليكها في المقابل مساحة 291800 متر مربع في منطقة الردم المستحدثة، وقد تنازلت الشركة بموجب الاتفاقية أعلاه عن ملكية حوالى 106000 متر مربع من أملاكها في الوسط التقليدي التي أدرجت ضمن الأملاك العمومية.
2ـــــ تقضي الاتفاقية أعلاه بأن يتخذ مجلس الإنماء والإعمار الإجراءات اللازمة لنقل ملكية المساحات المخصصة لشركة سوليدير على اسمها، بعد أن أنجزت شركة سوليدير معظم أشغال البنية التحتية، كما هو ظاهر للعيان وكما هو موثّق في تقارير شركات المراقبة المكلفة من قبل المجلس.
3ـــــ إن الكلفة الفعلية لأشغال البنية التحتية قد تجاوزت بأضعاف مبلغ 475 مليون دولار أميركي نتيجة العوائق والصعوبات غير المتوقعة التي واجهت أشغال التنفيذ، إضافة إلى كلفة إخلاء الأبنية من الشاغلين من غير أصحاب الحقوق، التي زادت على 250 مليون دولار أميركي، وإن شركة سوليدير تموّل هذه الكلفة الفعلية على نفقتها مهما بلغت قيمتها.
4ـــــ إن ما ورد في التقرير عن تملّك فئة واحدة لمعظم أسهم الشركة غير صحيح إطلاقاً، باعتبار أن رأسمال شركة سوليدير عند تأسيسها موزّع على أصحاب الحقوق في وسط بيروت بنسبة 66%، واكتتب آلاف المستثمرين في باقي الأسهم. وبالتالي فإن تمليك العقارات المستحقة للشركة سيكون مردوده لمصلحة الشركة ولجميع مساهميها، لا لمساهم واحد أو لفئة معينة من المساهمين.
نبيـل راشـد
(المسؤول الإعلامي والعلاقات العامة)

«الأخبار»: مرّة أخرى تحاول «سوليدير» أن تستغبي عقول القرّاء بردود عمومية لا تطال جوهر المعلومات المنشورة. فما ورد أعلاه، ولا سيما في الفقرتين الأولى والثانية، ذكره التقرير في معرض توصيف العلاقة «الشاذّة» بين هذه الشركة وملّاكها النافذين، الذين ما انفكوا يخالفون الدستور ويطوّعون القوانين ويصدرون المراسيم خدمة لمصالحها، وبالتالي مصالحهم فيها، وهو ما لا يقترب منه ردّ الشركة إطلاقاً محاولاً إظهار ممارساتها وممارسات الحكومات والمجالس النيابية المتعاقبة منذ تأسيسها كأنها ممارسات متطابقة مع القوانين والمراسيم، وهذا صحيح ما دام من يصدرها هو نفسه من يمتلك الشركة أو يستفيد منها بطريقة أو بأخرى، علماً بأن القانون الرقم 117/1991 يخالف الدستور بمصادرته للأملاك الخاصة، فيما المرسوم الرقم 5665/94 يمثّل تفريطاً بالأملاك العامّة... ويهمّ «الأخبار» أن تؤكّد أنها لم تتوان يوماً عن إعلان انحيازها إلى قضية أصحاب الحقوق الأصليين الذين تعرّضوا لأكبر عملية «مصادرة» في تاريخ لبنان القديم والحديث، وهذا ما سمح لشركة خاصّة بأن تتحدّث في آخر الفقرة الثانية من ردّها عن أنها «تنازلت عن ملكية حوالى 106000 متر مربع من أملاكها في الوسط التقليدي التي أدرجت ضمن الأملاك العمومية»، وهو ما يجسّد وقاحة غير مسبوقة، باعتبار أن كل العقارات التي تدّعي سوليدير ملكيتها لها مالكون سلبتهم حقوقهم ولم ينصفهم القضاء.
أمّا محاولة «سوليدير» خداع القرّاء مجدداً بالقول «إنها تموّل الكلفة الفعلية للبنية التحتية وردم البحر على نفقتها ومهما بلغت قيمتها»، فهذا تماماً ما سعى التقرير المنشور في عدد أمس إلى توضيحه بالأرقام والتفاصيل، إذ إن التواطؤ السياسي الذي يحمي الشركة سمح لها بتقاضي غنائم وإتاوات بمليارات الدولارات على حساب الدولة والمجتمع وحقوق المواطنين الثابتة، وهذا يمكن أن يعرّض الشركة وحماتها لعقاب قاس متى توافرت الظروف والأدوات لتطبيق العدالة وصون الحقوق.
طبعاً، تحاشت الشركة في ردّها مقاربة المحاور الأساسية المتّهمة بها مع حماتها السياسيين، كمحاولة تملّك أملاك عامّة وتسجيلها باسم الشركة بالاستناد إلى تعديلات لحظها مرسوم لم يصدر حتى الآن عن مجلس الوزراء، على الرغم من عرضه مرّات عدّة عليه، وذلك ينم عن مدى شعور هذه الشركة بقوّتها ومكانتها فوق الدستور والقوانين وحقوق الدولة والمواطنين، وهي على حق بشعورها هذا، إذ إن التجربة بيّنت أن الدولة كلّها موضوعة في خدمتها.
والمضحك في ردّ الشركة أنها تستند إلى نسبة تملّك الأسهم من قبل أصحاب الحقوق والمستثمرين عند التأسيس، ولكنها أجبن من أن تعلن توزّع النسب حالياً، إذ يعلم اللبنانيون جيّداً من يمتلك هذه الشركة فعلياً ومن يديرها ولأي أغراض، وهي حتماً أغراض خاصّة... فمنطقة وسط بيروت التي كانت تمثّل محور التلاقي بين اللبنانيين وتجسّد جزءاً مهمّاً من هوية بيروت الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، تحوّلت الآن إلى حيّز فارغ للمضاربات العقارية والشقق الفخمة الفارغة من ساكنيها الذين لا يزورونها إلا لفترات قصيرة جدّاً، وإلى مرتع للنشاطات الهامشية المتصلة بمواسم روّاد المطاعم والمقاهي فقط...
إن «الأخبار» تحرص على التأكيد أنّها لا «تتجاهل ما تقوم به الشركة منذ تأسيسها»، بل على العكس، فهي تصرّ على مواصلة الاهتمام بكل ما يتعلّق بعمل هذه الشركة، وانطلاقاً من هذا الإصرار يأتي التقرير الأخير الذي تردّ عليه «سوليدير» من دون أن تذكر في سياق ردّها أن كل ما جاء في هذا التقرير يستند إلى كتاب أرسلته الشركة إلى مجلس الإنماء والإعمار بتاريخ 11/12/2009 وكتاب أرسلته الدائرة القانونية في المجلس إلى مجلس الإدارة في هذا الشأن. فيا ليت «سوليدير» أوضحت مضمون هذين الكتابين وأثرهما التدميري على مشروع الدولة، بدلاً من التلهّي بردود لا يمكن أن ترقى إلى مستوى القدرة على «خداع الرأي العام».