خالد صاغيةوليد جنبلاط، هذه المرّة، على حقّ: القرار 1559 هو الذي خرب لبنان. ويمكن القول إنّ الاتهامات المتبادلة باغتيال الرئيس رفيق الحريري باتت كلّها تدور حول هذا القرار.
فجوهر اتّهام سوريا أو حزب اللّه بالاغتيال هو أنّ الحريري شريك في صنع هذا القرار، وقد تواطأ بالتالي مع جهات غربيّة من أجل إخراج الجيش السوري من لبنان ونزع سلاح المقاومة. فجاءه الردّ سريعاً: سيّارة ميتسوبيشي بيضاء محمّلة بما يعادل 1800 كلغ من الـ تي. أن. تي.
أمّا جوهر اتّهام إسرائيل أو أجهزة استخبارات غربيّة بالاغتيال، فهو أنّ صدور القرار 1559 قد ترافق مع تصميم دولي على تنفيذه. لكنّه تصميم ما كان يمكن ترجمته من دون زلزال كبير كاغتيال الرئيس الحريري.
أيّ تفسير سياسيّ هو الأصحّ؟ هل كان الحريري بطل الـ1559 أم ضحيّته وحسب؟ للإجابة عن هذين السؤالين، من العبث انتظار المحكمة الدولية كي تصدر حكمها. وهذا ما يعرفه جيّداً «أولياء الدم» قبل غيرهم.
فسوريا خرجت فجأةً من الصورة. وقبل تبرئتها رسمياً، نام «ابن الشهيد» نوماً هنيئاً في سرير الرئيس السوري بشار الأسد. وحين توجّه الاتّهام صوب حزب اللّه، رفض الحزب كلّ العروض التخفيفيّة التي تحدّثت عن «عناصر غير منضبطة». وبات واضحاً أنّ البلاد لن تحتمل قراراًَ اتهامياً في هذا الاتجاه، فما بالك بانتظار سنوات حتّى صدور الحكم النهائي الذي يبرّئ الحزب أو يثبت إدانته. أمّا بالنسبة إلى اتهام إسرائيل أو جهاز استخبارات غربيّ، فالجميع يعلم أنّ «العدالة الدوليّة» ليست هنا كي تدين هؤلاء، مذنبين كانوا أو بريئين.
وإذا كانت المحكمة قد باتت عاجزة حقاً عن أداء دورها، وهذا ما هو حاصل فعلاً، فعلينا أن نطوي مرحلة المزايدات بشأن الحقيقة والعدالة، وأن نروّج لحقيقة (قد تكون حقيقيّة) تناسب هذا البلد الواقف على فوهة بركان.
ليس السؤال إذاً هل إسرائيل هي التي اغتالت الحريري. السؤال هو هل يمكن توجيه الاتهام صوب إسرائيل؟ هذا السؤال الأخير هو ما أجاب عنه السيّد حسن نصر اللّه أمس. ولعلّ هذا مغزى تأكيده أنّه لا يقدّم أدلّة بل معطيات. المعطيات وحدها كافية لإنقاذ البلد. الوثائق التي قُدِّمت، أمس، تقول فقط: نعم، يمكن إعادة توجيه الاتهام صوب إسرائيل. وهذا وحده مخرج لائق للجميع. مخرج لمفبركي شهود الزور. مخرج للمتّهمين عن حقّ. مخرج للمتّهمين عن باطل. ومخرج لأولياء الدم.
الساعة الآن الثانية بعد منتصف الليل. فلنتّهِمْ إسرائيل، وليذهب بلمار إلى النوم.