خالد صاغيةالحرّ في بيروت لا يطاق. مجنون من يحزم أمتعته في هذا الطقس، ويعود إلى لبنان، وخصوصاً إذا كان يعيش هانئاً على إحدى الجزر في البحر الأبيض المتوسّط. بعض الشائعات بدأت تسري بأنّ الرئيس سعد الحريري قد يترك سردينيا ويعود إلى بيته في وسط بيروت اليوم أو في الأيّام القليلة المقبلة. تضحية أخرى يقدّمها هذا السياسيّ الشاب من أجل وطنه. فهل يعقل مغادرة تلك الجزيرة الرائعة لتحمُّل حرّ بيروت؟
جرى تبادل لإطلاق النار بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي في بلدة العديسة الجنوبيّة. سقط شهيدان للجيش وزميل صحافي. وتمكّن أحد الجنود اللبنانيين من قتل ضابط إسرائيلي. كادت الحرب تشتعل في المنطقة. نقاشات حول خط الحدود اللبنانية بين لبنان واليونيفيل. فرض قيود على تسليح الجيش اللبناني. رئيس الجمهورية في الجنوب. وسعد الحريري يكمل إجازته في سردينيا.
المحكمة الدولية باتت على المحك. مؤتمر صحافي للأمين العام لحزب اللّه يتّهم فيه إسرائيل باغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري. عرض صور جوية وإفادات عملاء. ردود الفعل تنهال من كل حدب وصوب. هذا يشكّك في صدقيّة الصور، وذاك يعتبرها شديدة الأهمية وينتظر قرار المحكمة، وآخر يطرح علامات الاستفهام حول مصدرها. وكثيرون يطالبون بمسار جديد للتحقيقات في جريمة 14 شباط 2005. وسعد الحريري يكمل إجازته في سردينيا.
لا يملك المرء حقاً إلا التعاطف مع السيّد سعد الحريري. فهذا الشاب وجد نفسه مضطراً فجأة للدخول في اللعبة السياسية اللبنانية كي يحافظ على ممتلكات العائلة. ما له وتعلّم القراءة، ومخاطبة الجماهير، والإصغاء إلى متاعب الناس، وتحمّل الضغوط الداخليّة والخارجيّة، ناهيك بحضور اجتماعات مجلس الوزراء وجلسات في المجلس النيابي.
مهلاً، طار الحريري من سردينيا إلى فرنسا للقاء الرئيس نيكولا ساركوزي. لا بأس ما دامت الرحلة لا تزال ضمن الأراضي الأوروبية، وما دام اللقاء في مصيف فرنسي. لكن، إيّاك وحرّ بيروت يا سعد. عُد إلى إجازتك. عائلتا شهيديْ الجيش اللبناني لن تعتبا عليك. وإن اندلعت الحرب، يمكنك دائماً قيادة دفّتها من اليخت.