نهج قمعيّ
...لا بد للمهتمين بالحريات العامة والفردية من أن يتوقفوا مليّاً أمام ما أدلى به قبل أيام معالي وزير الدفاع المحامي إلياس المر. لذا سمحت لنفسي أولاً كمواطن ومن ثم كمحام، ضمانته الوحيدة هي الحفاظ على دولة القانون، أن أبدي الملاحظات الآتية:
1 ـ سنداً إلى نص المادة 38 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإن استخبارات الجيش ليست من أفراد الضابطة العدلية.
2 ـ سنداً إلى نص المادة 147 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإن أوراق الدعوة أو القرارات الصادرة عن القضاء، تبلغ بواسطة مفارز أمنية خاصة تكون تابعة للقضاء، وفرقة المكافحة في الجيش ليست ذات صلاحية لتوقيف أو تبليغ أي مواطن.
3 ـ سنداً إلى نص المادة 14 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، كان من الأسلم ولتأكيد التنسيق الوزاري أن يبلغ معالي وزير الدفاع زميله معالي وزير العدل الذي يحق له قانوناً الطلب من سعادة المدعي العام للتمييز إجراء التعقبات اللازمة.
4 ـ سنداً إلى نص المادة الرابعة من المرسوم الاشتراعي 104/77، الذي ينظم قضايا المطبوعات، كان من الأسلم ولتأكيد التنسيق الوزاري أن يبلغ معالي وزير الدفاع زميله معالي وزير الإعلام أن يطلب إلى المدير المسؤول نشر تصحيح أو تكذيب الخبر تحت طائلة تشديد العقوبة.
5 ـ سنداً إلى نص المادة 28 من المرسوم الاشتراعي 104/77، «لا يجوز التوقيف الاحتياطي في جميع جرائم المطبوعات».
6 ـ سنداً إلى نص المادتين 28 و29 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإن المحكمة المختصة للنظر في جرائم المطبوعات هي محكمة الاستئناف الناظرة بقضايا المطبوعات، أو قاضي التحقيق المختص إذا اقتضى الجرم المنسوب تحقيقاً. وبالتالي لا يحق للمدعي العام للتمييز أن يحيل قضائياً الصحافي حسن عليق إلى استخبارات الجيش، سنداً إلى نص المادة 29 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
7 ـ كل ذلك لا ينفي ضرورة أن تلتزم وسائل الإعلام ما نصت عليه المادة 12 من المرسوم الاشتراعي 104/77، لجهة أنه يحظر عليها «... نشر وقائع التحقيقات الجنائية أو الجناحية قبل تلاوتها، إضافة إلى تحقيقات التفتيش المركزي والعدلي وخلافه»، علماً بأن ما نشر في جريدة «الأخبار»، لا يمثّل خرقاً لهذه المادة، إنما الخرق الذي نصت عليه المادة 12، كانت قد ارتكبته وسائل إعلامية أخرى لم تتعرض للمحاكمة.
أخيراً، لا بد لي من أن أتوقف أمام الصمت غير المقبول لما ورد من تجاوز خطير للقانون في المؤتمر الصحافي لوزير الدفاع، ولما تبعه من تحقيقات غير قانونية مع الصحافي حسن عليق، ما يخشى أن يمثّل هذا الصمت تشجيعاً لنهج قمعي يتنافى مع معنى وجود هذا الوطن...
فادي غنطوس
(نقيب محامي طرابلس والشمال السابق)