خالد صاغية«يصطفل» رشيد الضعيف. بإمكانه أن يكتب ما شاء من الروايات، وأن يستهدف كلّ الفسحات بين المرأة والرجل. لكنّ رجالاً سيأتون بلباسهم العسكريّ ذات يوم، ليمنعوا صعود شخصيّاته إلى الخشبة.
«تصطفل» الجالية السودانيّة في لبنان. بإمكانها أن تمتلك حسّاً عالياً من المسؤوليّة، فتنظّم حفلاً لجمع التبرّعات من أجل طفل مصاب بالسرطان. لكنّ رجالاً سيأتون بلباسهم العسكريّ ذات يوم، ليسخروا من لون المحتفلين ومن أغانيهم وملابسهم الملوّنة. فإنقاذ طفل في لبنان يحتاج إلى ترخيص.
«يصطفلوا الفلسطينيّي». بإمكانهم أن يطالبوا بحقوقهم المدنية أو الإنسانيّة من الآن وحتّى قيام الساعة. لكنّ رجالاً سيأتون بربطات عنق ذات يوم، ليعطوا دروساً في حقوق الإنسان التي يجب أن تبقى حكراً على أصحاب الدم الأزرق.
«تصطفل» رابطة الأساتذة. بإمكانها أن تصرّ على أنّ العمل النقابي ما زالت له مساحته في هذا العالم. وبإمكانها أن تعتبر مطالبها محقّة. لكنّ مثقّفي السلطان سيأتون ذات يوم، ليحجبوا عنهم حقوقهم. فالقانون لم يوضع دائماً من أجل التطبيق، والحقوق لا تعطى إلا للحاشية ولروابط الطوائف. الدولة لديها ما يكفي لتنفقه على رحلات الرؤساء العقيمة، وعلى إشباع نهم حيتان المال، أمّا الأساتذة فلينتظروا جيلاً آخر.
«يصطفلوا» السريلانكيات. بإمكانهنّ ألا يتحمّلن الإهانات والتعذيب، وأن يعتبرن حياتهنّ غير قابلة للاستمرار. لهذا السبب، أقمنا في بيوتنا شرفات. فليرمين أجسادهنّ منها.
«يصطفل» اللبنانيّون جميعاً. ستقرّ الموازنة هذا المساء. وسيفقد مزيد من المواطنين حصانتهم أمام الضغط المعيشي، فيما تحمى المضاربات العقارية بقوانين إضافيّة. وسيأتي خبراء ذات يوم، يتأبّطون ملفّات كثيرة ليقنعونا ببيع ممتلكات الدولة، وبالحاجة إلى المزيد من الاستدانة، وبأن نطلق النار على أرجلنا. في تلك اللحظة التي نضغط فيها على الزناد ونصرخ «آخ»، سنعلم أنّ هناك من لن «يصطفل». أنّ هناك من يحتفل بترقية جديدة كلّما «اصطفلنا». وهناك من يحتفل بثروة جديدة كلّما «اصطفلنا». وهناك مدينة تخسر اسمها لا يمكن أن نتفرّج عليها وهي «تصطفل».