الحداد أم النضال؟
تعليقاً على مقال «سعيدة يابا» لإيمان بشير («الأخبار»، ١٢/4/2010):
عرضت الكاتبة وجهة نظرها في احتفال يوم الأرض الذي لم تحدّده تحديداً خاصاً، ولكن كل من حضر الاحتفال وقرأ المقال يستطيع أن يعرف أنّ ما تتكلم عنه هو «مهرجان يوم الأرض» الذي نظّمته حملة «فلسطين حرّة» يوم الأحد ٤ نيسان ٢٠١٠ على كورنيش عين المريسة في بيروت.
لقد قدّمت الكاتبة عرضاً استهزائيّاً بحق المهرجان. والرد على المقال لا يأتي هنا دفاعاً عن المهرجان بعينه، بل هو ردٌ على منطق وخطاب، يردَّدان تباعاً كلّما كان هناك نشاط أو تحرّك ما. ويرتكز هذا الخطاب دائماً على المقارنة ما بين هول الحرب والحصار والعنصرية الصهيونية على الشعب الفلسطيني، والتحركات التي تُقام هنا وهناك دعماً للقضية الفلسطينية.
الخطورة في هذا الخطاب هو أنه عملياً يشجّع على «الانهزام» بدلاً من أن يدفع نحو «النضال». وقد يردّ مناصرو هذا الخطاب بالقول إنهم لا يفعلون ذلك، بل ينتقدون قصور النضال اليومي عن تحقيق التحرير. ولكنّ السؤال الأهمّ هنا هو كيف تتحرر فلسطين؟ أن نستمر في البكاء والنقد حتى تتقهقر السلطة الصهيونية؟ أم أنّ علينا النضال يومياً، وبكل السبل المتاحة، لتحقيق هدفنا؟
هناك فرق شاسع بين من ينتقد من أجل أن يريح نفسه/ها من وطأة التجربة، ويترفّع بذلك عن الخطأ، وهناك من يتجرّأ على أن يجرّب ويخطئ ويتعلّم ويراكم حتى الوصول إلى النصر. وإن كان يعتقد أحدهم أنّ هناك خطة مرسومة واضحة تقول لنا كيف نصل إلى التحرير، فهو واهم، لأن طريق النضال يُرسم يومياً من خلال التجربة، ومن خلال النضال، ومن خلال التجمعات والتظاهرات (الصغيرة منها والكبيرة) ومن خلال الاجتماعات المتتالية.
إنّ من يتاجر بالقضية هو من يترفّع عن مواجهة الواقع ويترفّع عن النضال اليومي، من أجل أن يكون النضال مادة لنقده وكلماته، بدلاً من أن تكون كتاباته مادة للعمل والمواجهة.
المهرجان الذي نظّمته حملة فلسطين حرّة، مرّ عليه أكثر من 1500 شخص، وشارك في تنظيمه حوالى مئة شخص. معظم الأغنيات والعروضات الفنية كانت هادفة، تدعو إلى النضال، وتنتقد قصور الأنظمة العربية والمجتمع الدولي... إن وجود أشكال التعبير المختلفة من رقص ومسرح وغناء وراب، هو أكبر دليل على تراكم هذا الوعي للقضية، وقد أصبح التعبير عنه يتّخذ أشكالاً مختلفة. إنّ المهرجان وبرنامجه إنْ شجّعا شخصاً واحداً على الانضمام إلى صفوف النضال، يكون هذا ألف مرّة أكثر نجاحاً من مقال يكتب ليتغزّل بالقضية ويعود لينعى جميع أشكال النضال من أجلها...
باسم شيت
(عضو في حملة فلسطين حرّة)