خالد صاغيةالرئيس ميشال سليمان توافقيّ. ثمّة من فهم هذه الصفة بأنّها تعني الجلوس في قصر بعبدا، واستقبال الضيوف، والاكتفاء بالابتسام لهم. والواقع أنّ الرئيس أكثرَ من توزيع الابتسامات. وتجنّباً للإحراج، قضى وقتاً طويلاً في الخارج، لعلّه يعود بإنجاز يتعذّر الحصول عليه داخليّاً. لكن، رغم ذلك، يضطرّ الرئيس في بعض الأحيان إلى إصدار مواقف حاسمة. فما زال لموقعه بعض الأدوار التي لا يشاركه فيها أحد. وكلّما أصدر موقفاً، انتفض فريق يحاول إقناعه بالعودة إلى الجلوس على ذاك الكرسيّ في القصر، على طريقة: «كن توافقياً واصمت». والحجّة دائماً هي أنّه «أكبر» من التدخّل في اللعبة السياسيّة. مرّة، تزعل تيّارات 8 آذار. ومرّة، تزعل تيّارات 14 آذار.
لكنّ القصّة مع طاولة الحوار أبعد من الزعل هذه المرّة. ذلك أنّ السذَّج وحدهم يعتقدون أنّ ثمّة أفكاراً جديرة بالنقاش ستُطرح على تلك الطاولة، وأنّ ثمّة خبراء استراتيجيّين وسياسيّين قلوبهم على البلاد والدفاع عنها سيبحثون أفضل السُّبُل للذود عن الوطن. فالحقيقة التي يعرفها الجميع هي أنّ ثمّة طرفاً يحاول استخدام طاولة الحوار منصّة يطلق منها الصواريخ باتجاه سلاح حزب اللّه، فيما يستخدم فريق آخر الطاولة نفسها لانتزاع صفة شرعية إضافية لسلاح حزب اللّه، تضاف إلى البيان الوزاري، والتأييد الشعبي مهما كان حجمه.
وبما أنّه ما من نقاش حقيقي سيدور على تلك الطاولة، تصبح النتيجة النهائيّة التي تتمخّض عنها مرهونة بالأسماء التي يقدّمها رئيس الجمهورية للمشاركة في الحوار. يكفي عدّ الأسماء، واستنتاج الموقف من سلاح المقاومة. هكذا يصبح من يختار الأسماء هو من يحسم النتيجة. وإذا كانت هناك ضغوط لفرض حضور فؤاد السنيورة، فلا بدّ من إحضار النائب أسعد حردان.
لكن، بالمناسبة، عن أي استراتيجية دفاعية نتكلّم في بلاد طَنْطَن وزير دفاعها ذات يوم لتحقيقه إنجازاً عظيماً هو الحصول على طائرات ميغ روسية الصنع. عاد وزير الدفاع من موسكو فاتحاً مزهوّاً، تماماً كما فعل بعد إنجاز تدمير مخيّم نهر البارد. حدث ذلك قبل أن يذهب رئيس الجمهورية إلى موسكو نفسها ليطلب استبدال الميغ بأسلحة أخرى أكثر ملاءمةً لحاجات الجيش، بناءً على توصية من قيادة الجيش ووزير الدفاع، أي وزير الدفاع نفسه الذي سبق أن طنطن للميغ نفسها، والذي يتحضّر الآن للمشاركة في طاولة الحوار. أهي استرايجيّة دفاعيّة أم استراتيجيّة طنطنة؟