خالد صاغيةعزيزي السيّد إكس،
لقد صادفناك عندنا في فصل الصيف. أحببناك، فأردنا أن نكرّمك. جئت أنت والعائلة والأصدقاء إلى بيروت، وأنفقت مالاً كثيراً فيها. واعترافاً بالجميل، قرّرنا أن ننزل في الرابع عشر من شباط، أعداداً غفيرة، إلى ساحة الحريّة «كرمالك». واللّه، كرمالك.
قد تقول إنّ ذلك كثير عليك، وإنّك لم تتوقّع أن يصل كرم الضيافة اللبنانية إلى هذا الحدّ، لكن كلّه يهون في سبيل المليونَيْ سائح.
وحتّى لا تشعر بالحرج، لا بدّ من إعلامك بأنّ التظاهرة «المليونيّة» التي نعدّ لها في ساحة الشهداء ليست التضحية الأولى التي نقدّمها للسيّاح. فنحن أصلاً فَكْفَكْنا البلاد وأعدنا تركيبها لتصبح ملائمةً لطلباتكم. فبصراحة، كلّ ما يهمّنا في العالم: مليونا سائح، عشرة مصارف، وبضع عشرات من العائلات تحتكر الاستيراد والمضاربات العقاريّة. فطبيعيّ جداً ما نقوم به كرمالك. لقد سبق أن قمنا بأكثر من ذلك بكثير كرمال غيرك. انظرْ إلى المليارات التي ندفعها سنويّاً لأفرادٍ معروفين بالاسم، تحت شعار «خدمة الدَّين العام». انظرْ إلى قلب مدينتنا التي تهوى الأركلة على أرصفتها، والرقص في ملاهيها، كيف تحوّلت إلى ملكيّة خاصّة لأفراد معروفين أيضاً بالاسم.
ستسمع كلاماً كثيراً عن إفلاس حركة 14 آذار، وعن فقدانها لأيّ شعار جديد ترفعه في الذكرى الخامسة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري. سيقال إنّهم ما كانوا ليلجأوا إلى شعار «كرمال المليونَيْ سائح» لو لم تكن سلّتهم السياسيّة قد نضبت. لكن، لا تهتمّ لهذه الشائعات. فنحن «عن جدّ» نحبّك ونفضّلك على أنفسنا. انظرْ كيف بنينا أنفاقاً وجدراناً عالية على طريق المطار كي لا تؤذي نظرك بمشهد أحياء الفقراء. حدث ذلك قبل 14 شباط، وقبل 14 آذار.
ستسمع أيضاً أنّ «كرمال المليونَيْ سائح» هو شعار غير صادق تجاهك، بل يدلّ على حبّ الحياة لدى اللبنانيّين، وعلى فحوى حركة 14 آذار التي تريد السلم والازدهار ووقف أعمال العنف، حتى لو كان عنفاً مقاوماً. لكن، لا تصدّق من يضلّلك. المسألة تخصّك أنت شخصياً. كلّنا بانتظارك، سيّد إكس، وسنفرش لك أجسادنا على طريق المطار في الصيف المقبل.