ما زلتَ معنا
صباح 14 شباط... أفقت كعادتي لأتفقّد أخبار الصحف والمحطات «المذهبية». طبعاً ليس لأتابع أخبار الحكومة الجديدة التي توفّيت قبل أن تولد، ولا لأستخلص نتائج التحقيق في الطائرة المنكوبة.
لم أقلّب محطّاتنا «الطائفية» لأتابع أخبار البوارج الأميركية القادمة «لمساعدتنا»، ولا لأسمع تصاريح باندلاع
الحرب... رياح حربٍ لطالما لاحت في الأفق، وانفجرت هنا... في لبنان.
كان همّي الأول في هذا اليوم الأليم أن أُتابع تلك الحشود التي قصدت وسط بيروت لأجلك يا رفيق. ففي 14 شباط، تُرمى كل القصص، وتسدل الستائر، وتبقى روحك الطاهرة معنا. يبقى طيفك في الأعالي شامخاً كما كنت دوماً، وما زلت... يا أيها الشهيد.
دقائق مرّت... وإذا بي أُطفئ التلفاز متجهّماً، متفاجئاً، وساخراً ربما.
فالفرح والضحك كانا سيّدَي الموقف في هذا اليوم «الحزين». وإذا بالحلقات الدائرية منتشرة في أرجاء الوسط. حلقات للرقص وأخرى للدبكة، وغيرها من طبل وزمر وأغانٍ.
أطفأت التلفاز دون الغوص في كلمات «الزعماء» و«القادة». كلمات لا بدّ أنها كانت سياسيّة بحتة، فئويّة، تعصبيّة. لا بدّ أن اسمك يا أيها الشهيد لم يُقَل إلّا نادراً في هذا «الحفل الكريم»...
عذراً منك يا أيّها الشهيد... عذراً لكوني لم أرضَ أن أكون إلى جانب روحك الأبية.
ها أنا هنا... في لبنان الذي لطالما أحبَبْتَهُ قارِئاً للفاتحة... داعِياً لك بالرحمة... حزيناً على رحيلك... متألّماً لغيابك القاسي المُضني.. ساخراً وساخطاً على من هم حولك الآن ولا علاقة لهم بك. بل حضروا للفرح، للرقص، ولغايات في نفس يعقوب...
نمْ قريرَ العين يا رفيق... فما زِلتَ في القلوب والعقول. ما زِلت معنا بروحك، كلامك، حنانك، قلبك وطيفك... معنا نحن. لا معهم...
عبد الرحمن رعد