برادلي سميث *الحكم الذي صدر عن المحكمة العليا يوم الخميس الماضي في قضية «مواطنون متحدون» ضد لجنة الانتخابات الاتحادية، والذي أبطلت فيه المحكمة حظراً حكومياً مبطّناً على الخطاب السياسي للشركات، هو حكم رائع يعيد الخطاب السياسي إلى الصدارة التي كانت مخصّصة له في التعديل الأول. لتقدير المخاطر في قضية «مواطنون متحدون»، يجب ان نتذكر موقف الحكومة القانوني في القضية. أصرّت الحكومة على أنّ الدستور يسمح لها بمنع توزيع الكتب على برنامج «كيندل» الإلكتروني، وحظر أيّ نقابة من استخدام مؤلّف يضع كتاباً بعنوان «لماذا يجب على عمال أميركا مساندة أجندة أوباما»، ومنع شركة النشر «سيمون أند شاستر» وشركة التوزيع «بارنز أند نوبل» من نشر وتوزيع كتاب يحمل جملة واحدة مؤيّدة أو معارضة لمرشح لمركز رسمي.
قالت المحكمة «لا»، والشيء الوحيد الصادم في هذا القرار هو أنّ القضاة الأربعة الليبراليين قالوا «نعم». نأمل أن يضع هذا الحكم حدّاً لعشرين عاماً من الاجتهادات منحت من خلالها المحكمة حماية لجوهر الخطاب السياسي أقلّ ممّا فعلت للإباحية على الإنترنت: نقل معلومات مسروقة، حرق العلم، الدعاية الإعلانية، الرقص عاريات الصدر، وحرق صليب أمام كنيسة أفريقية ـــــ أميركية. لسوء الحظ، يستخدم البعض في الكونغرس هذا القرار للدفع باتجاه سيطرة الحكومة على الحملات الانتخابية من خلال قانون الانتخابات النظيفة ذات الاسم الخاطئ، الذي دعمه أكثر من مئة شخص (كلّهم ما عدا ثلاثة هم من الديموقراطيين) في مجلس النواب. هذا التشريع يستخدم أموال دافعي الضرائب لتمويل حملات الترشيح إلى الكونغرس.
هذا «الحلّ» للمشكلة المزعومة بشأن سيطرة المصالح المالية على السياسة عندنا، عدا اعتراضات أخرى، هو ببساطة لا صلة له بالموضوع. ستستطيع الشركات أن تقوم بنفقات مستقلة بغضّ النظر عن الطريقة التي يموّل بها المرشحون حملاتهم. رغم ذلك، عدد من الذين يفصحون عن غضبهم من «مواطنون متحدون»، مثل النائب بارني فرانك الديموقرطي من ماساشوستس، يتحدثون عن استخدام تنظيم الأوراق المالية لمعاقبة الشركات التي تتجرأ على الكلام. يتعهد السيد فرانك بتنظيم جلسات استماع في الكونغرس.
صحيح انّ حكم المحكمة العليا سيؤدّي إلى مزيد من الخطاب السياسي الخاص بالشركات والنقابات، لكن حتى لو كان المرء يظن أنّ هذا أمر سيّئ، هناك سبب تجريبي لتصديق قصص الرعب عن سيطرة الشركات على العملية الديموقراطية. بالفعل، هناك 28 ولاية تمثّل 60 في المئة من السكان تسمح بنفقات مستقلة للشركات في الانتخابات. هذه الولايات، ومنها فيرجينيا ويوتاه وأوريغون، هي بالكاد تدار بطريقة سيّئة. على العكس، هي من بين الأكثر نمواً والأفضل حكماً في البلاد.
القضاة المعارضون في قضية «مواطنون متحدون» يعتبرون الشركات منظمات يحاصر فيها الناس. يتحسرون على الحقوق المزعومة الضائعة لأصحاب الأسهم، الذين قد لا يساندون شخصياً المرشحين الذين قد تختارهم الشركة لمساندتهم. في المقابل، القضاة الذين ساندوا قرار القاضي أنطوني كينيدي، وكانوا الأغلبية، يرون أنّ ذلك لا يختلف عن أيّ قضية حاكمية شركة.
تأخذ الشركات دائماً قرارات لا تعجب المساهمين، مثل التبرع لجمعيات خيرية. بوسع المساهمين ترك الشركة إذا أصبحت الاختلافات في وجهات النظر كبيرة. في هذا الوقت، لماذا يجب على الأغلبية ان تُمنع من التعبير عن رأيها كشركة؟
أغلب المعارضة لـ«مواطنون متّحدون» هي ببساطة معارضة اليسار السياسي لما يظنون أن الشركات ستقوله. خذوا في الاعتبار منظمات «إصلاح» الحملات الانتخابية التي ساندتها الشركات وقتاً طويلاً. نال مركز برينان للعدالة في جامعة نيويورك تمويلاً من مروحة واسعة من الشركات الأميركية، مثل «إنرون» و«بير ستيرنز». لم يسمع الجمهور همسة من هذه المنظمة عن ضرورة مساندة المساهمين جميعهم في هذه الشركات لبرنامج المركز.

معظم الانتقاد يركّز على أن الجمهوريّين سيكونون الرابحين إذا لم توقَف الشركات والنقابات
أتذكرون في هذا الخصوص، معهد جون ماكين للإصلاح، الذي أُسس ليروّج لإصلاح تمويل الحملات الانتخابية بعد ترشّحه للرئاسة في عام 2000. تلقى تمويلاً من «آي إيه جي». هل وافق كل مساهمي «آي إيه جي»؟
بطريقة مماثلة، معظم الانتقاد يركّز على أنّ الجمهوريين سيكونون الرابحين اذا لم تُوقَف الشركات والنقابات. قال الرئيس باراك أوباما ورئيس لجنة الحملات الانتخابية في الكونغرس كريس فان هولن، ورئيس لجنة الحملات الانتحابية في مجلس الشيوخ بوب مينينديز، إنّهم سيبحثون عن طرق لحصر نفقات الشركات.
لكن التعديل الدستوري الأول يتمحور حول عدم الثقة بالحكومة لتأخذ القرارات بشأن من تكلم كثيراً. لهذا السبب، يبدو قرار الخميس نسمةً من الهواء المنعش.في المرة المقبلة حين تحملون كتاباً عن الإنترنت، أو تشترون أحد مؤلفات مايكل مور من «بارنز أند نوبل»، أو تطلبون فيلماً سياسياً من الخدمة الفضائية، تذكروا أنّ قرار المحكمة العليا في «مواطنون متحدون» قد وفّر لكم الحق في أن تفعلوا ذلك.
*عن «وول ستريت جورنال»