الأخضر العربي
الثالث من كانون الأول، محطة مهمة في تاريخ لبنان والأمة العربية. ففي مثل هذا اليوم سقط «الأخضر العربي» أمين سعد شهيداً في تلال شبعا والعرقوب، ليكرّس هذا اليوم ذكرى للشهيد البعثي، لما له من دلالات ورمزية...
والأخضر العربي أو غيفارا الجنوب، هو من طلائع العمل الفدائي ومن أبرز الذين سطّروا بنضالهم وتفانيهم قدوة العمل الفدائي المقاوم والملتزم.
كان لولادة أمين سعد في حيفا وتهجيره منها في الحادية عشرة من عمره مع والده وإخوته إلى بنت جبيل الأثر القوي ليكون أكثر تعلّقاً بالقضية الفلسطينية والعروبة... وكرهه المتأصّل للصهاينة منذ طفولته مع توقه الدائم للحرية والشهادة.
انضم أمين سعد إلى الزاحفين نحو أحزمة البؤس في العاصمة بيروت سعياً إلى الدراسة والعمل والنضال السياسي والحزبي «السري» حينها، فإذا به يختار حزب البعث العربي الاشتراكي طريقاً واضحاً ونهجاً في انشداد واضح نحو فلسطين وتحريرها بالسلاح تحت شعار «حرب الشعب طريقنا للنصر».
مارس التدريس في الستينيات، وكان من أوائل الذين أسسوا مع رفاق له مدارس المعهد العربي في بيروت وقاد فيه الفرق الكشفية والعمل السياسي السري إلى جانب اهتمامه بالرسم والفن. أُدخل السجن مرات عديدة في طرابلس وبيروت ودمشق أيام الانفصال المشؤوم، وحقق أرقاماً قياسية في دخول «سجن الرمل» أيام الشعبة الثانية. كان يرفض أن يكلّف له الحزب محامياً كي لا تصرف أمواله هباءً، كان يتعرض للضرب والتعذيب بجسده النحيل، ومستحيل أن يُختم التحقيق معه، كان يُتعِب الجلاد ولا يتعَب «المجلود» لشدّة إيمانه بقضيته... كان يوصي بالرفاق إذا وقع أحدكم بالأسر أو اعتُقل «انسوا كل الأسماء إلا اسماً واحداً هو أمين سعد».
إنه واحد من رواد الشهادة البعثية... مضى لتبقى بنت جبيل كما العرقوب القدوة في مقاومة غزاتها في تموز 2006 ليتحول مجرى التاريخ وتعيد المجد للعروبة...
أما عن تاريخ استشهاده، فكان يوم الثالث من كانون الأول 1969 حين تبلّغ أمين سعد أن قوة إسرائيلية تتقدم في بيادر شبعا، فخرج الأخضر مع مجموعة من المقاتلين عند الخامسة فجراً، وتبيّن أن الإسرائيليين نصبوا له كميناً، فحصل اشتباك عنيف استمرّ طوال ستّ ساعات استُخدمت خلاله الأسلحة المباشرة والقذائف المدفعية. وفي تمام الحادية عشرة ظهراً توقف قلب أمين سعد بعد إصابته بشظية قنبلة «هاون»...
الدكتور فادي غندور