وليم غالستون*في أوسلو، وفي ظروف تشبه الكوابيس بالنسبة لكاتبي الخطابات، ألقى باراك أوباما أفضل خطاب حتى الآن في رئاسته. كان الخطاب تأملاً في الحرب، السلام، والطبيعة الإنسانية. كما أظهر توجهاً جديداً لإدارة أوباما في السياسة الخارجية. السؤال الآن هو إذا ما كان سيعدّل سياساته لتناسب كلماته.
أكثر ما أثر فيّ في الخطاب هو واقعية أوباما الأخلاقية، المتعلقة بالعالم ودوره الشخصي فيه. بقوة، لكن بكرامة وتحفظ، ميّز بين مسؤولياته وتلك الخاصة بكينغ وغاندي اللذين تصرفا بطريقة لاعنفية كمواطنين. «هناك شر في العالم»، قال، وما دام موجوداً تصبح الحرب خياراً أخلاقياً وأحياناً ضرورة أخلاقية. ليس فقط من أجل هزم الشر، بل أيضاً لأنه لدى «أدوات الحرب دور لتلعبه في الحفاظ على السلام»، قال.
تحدث الرئيس دون حرج دفاعاً عن دور أميركا كصانع للسلام وحافظ له. قال «يجب على العالم أن يتذكر أنّ الاستقرار في عالم ما بعد الحرب العالمية الأولى لم يسد فقط عبر المؤسسات الدولية والمعاهدات. مهما كانت الأخطاء التي ارتكبناها، الحقيقة الواضحة هي أنّ الولايات المتحدة الأميركية ساعدت في تأمين الأمن العالمي لأكثر من ستة عقود عبر دماء مواطنيها وقوة سلاحها».
جابه أوباما مباشرة التشكيك العام العالمي في دور أميركا والحرب نفسها. «أنا أفهم لماذا ليست الحرب شعبية»، قال، «لكنّي أعرف أنّ الإيمان بالسلام قلّما كان كافياً للوصول إليه. السلام يتطلب مسؤولية. السلام يستوجب تضحية».
ووصف نوع السلام الذي تبتغيه أميركا. قال «ليس السلام غياب الصراعات فقط. السلام العادل المبني على الحقوق الأساسية وكرامة كلّ إنسان هو الوحيد الذي يدوم. هذه البصيرة هي التي قادت الأشخاص الذين صاغوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعد الحرب العالمية الثانية. في أعقاب الدمار، علموا أنّه إذا لم تكن

إذا كان خطابه في أوسلو ينذر بتوازن جديد بين الجزرة والعصا، فإنّ مستقبل سياسته الخارجية يبدو ساطعاً
حقوق الإنسان محمية، يصبح السلام وعداً فارغاً». أضاف أوباما أنّه في أحيان كثيرة تُتَجاهل مبادئ حقوق الإنسان. في بعض الدول، يدّعي بعض القادة أنّها مظاهر غربية ومفروضة على الحضارات غير الغربية. في أميركا، يتنافس الواقعيون والمثاليون تنافساً لا ينتهي. «أنا أرفض هذا الخيار»، أعلن الرئيس. «أنا مؤمن بأنّ السلام غير مستقر في الأماكن التي لا يسمح فيها للناس بالتحدث بحرية أو العبادة كما يشاؤون، أو اختيار قادتهم بأنفسهم، أو التجمع دون خوف. الظلم المكبوت يتراكم، وقمع الهويات القبلية والدينية يمكن أن يؤدي إلى العنف. كما نعرف أنّ العكس صحيح. فقط عندما أصبحت أوروبا حرة، عرفت السلام». هذه الحقائق تستتبع نتائج عملية بالنسبة لتصرفات السياسة الخارجية الأميركية. «حتى عندما نحترم ثقافة الدول المختلفة وتقاليدها»، وعد أوباما، «ستكون أميركا صوتاً للتطلعات العالمية».
السؤال يتعلق بالطريقة الأفضل لتحقيق ذلك. لقد دافع الرئيس عن سياسته بالتعاطي مع أنظمة قمعية، معتبراً أنّ ذلك هو الدبلوماسية المضنية. لكن حتى الآن، لست وحدي من يؤمن بأن إدارته لم تكن في أفضل حالاتها إلا مترددة ومتقاعسة في إسماع صوت تطلعات المقموعين الذين يناضلون من أجل الحقوق السياسية التي دافع أوباما عنها باعتبارها أساسية. إذا كان خطابه في أوسلو ينذر بتوازن جديد وأفضل بين التعهدات الخاصة والحزم العام، وبين الجزرة والعصا، فإنّ مستقبل سياسة أوباما الخارجية يبدو ساطعاً.
* عن «ذا نيو ريبابليك»: مجلة نصف شهرية أميركية ليبرالية اقتصادياً مع ميل إلى وجهة نظر الصقور في السياسة الخارجية
ترجمة ديما شريف