خالد صاغيةها نحن نجتاز عتبة الألف عدد. الطريق كانت مليئة بالحواجز والمفاجآت. مفاجآت حزينة، وأخرى سارّة. لكنّ المفاجأة الأهمّ كانت القرّاء أنفسهم. هؤلاء الذين أبدوا منذ العدد الأوّل حماسةً للمشروع غير المكتمل، والذين تسامحوا مع أخطائنا ومع تعثّراتنا. لكن أيضاً أولئك القرّاء الذين أشبعوا «الأخبار» شتماً واتّهامات زور، قبل أن يصبحوا «مرغمين» على قراءتها كلّ صباح. لكم أنتم أيّها القرّاء تدين «الأخبار» باستمراريّتها وتطوّرها. فكلّ خطوة تجديديّة نقدم عليها بترقّب وتردّد، وإذا بردود الفعل تشجّعنا على المزيد من المغامرات. والواقع أنّنا كنّا على ثقة منذ البداية بأنّ تراجع الصحافة لم يبدأ مع التلفزيون، ولن تزيده حدّةً مواقع الإنترنت. تراجع الصحافة بدأ مع تخاذل الصحف، ومع رضوخ صحافيّين لا للهراوات وحسب، بل أيضاً للإغراءات المادية وللذوق السائد.
لقد قطعت «الأخبار» في العام الأخير شوطاً كبيراً صوب المهنيّة، وهي التي راهنت منذ البداية على إمكان الوصول إلى نقطة توازن بين الخط السياسي الواضح والالتزام بقواعد مهنيّة صارمة.
كذلك باتت «الأخبار» في تغطيتها السياسية اللبنانية والعربية والدولية أقرب إلى الصورة التي رسمتها لنفسها، أي إهمال التصاريح الهامشية والاستقبالات الرسمية لمصلحة المواد الخاصة من تحقيقات وتحليلات وتعليقات. لن يحدّد السياسيّ بعد اليوم جدول أعمال أيّ صحافيّ في «الأخبار»، لا بل نحن نقترب من لحظة عَكْس هذا الواقع.
وكما في الصفحات السياسيّة الداخليّة، كذلك على الصفحة الأولى. يمكن «الأخبارَ» أن تفخر اليوم بأنّها أدخلت إلى عناوينها الأساسيّة مجالات اعتادت الصحافة اللبنانية تهميشها: الاحتكارات الاقتصاديّة، العنصريّة ضدّ العاملات الأجنبيّات، قمع المثقّفين، الفساد داخل المؤسسات العامة، حكايات من التهميش الاجتماعي، الأخطار البيئيّة... وإن كانت «الأخبار» غير راضية تماماً عن مستوى معالجة هذه الملفات، فإنّها تعد قرّاءها بمزيد من البحث والتخطيط والتحليل لدى مقاربة ملفّات العدد الأساسية.
لقد دأبت الصحف اللبنانية على معاملة الصفحات غير السياسية كلزوم ما لا يلزم، أو في أفضل الأحوال كمطيّبات تضاف إلى الطبق السياسي. لقد نجحنا في تقليص الفارق بين قراءة الصفحات السياسية وسائر الأبواب في الجريدة. وهذا ما تؤكّده نقاشات الموقع الإلكتروني الذي يعدنا، بدوره، بخدمات إضافيّة، ومزيد من التفاعل مع المتصفّحين، إضافة إلى تلبية حاجة باتت ملحّة لإدخال اللغة الإنكليزيّة على صفحاتنا الإلكترونية.
أخيراً، يأخذ كثيرون على «الأخبار» بعض التسرّع في المعالجات رضوخاً لمتطلّبات الصحافة اليوميّة، من دون أن تعوّض قرّاءها بموادّ أكثر «دسامة». وإذا كان مشروع الشراكة مع «لوموند ديبلوماتيك» بداية لمعالجة هذا النقص، فإنّ العمل على ملحقات جديدة يجب أن يجد ترجمةً له في الأشهر المقبلة.
كلّ «ألفيّة» وأنتم بخير.