خالد صاغيةحين رفع تيّار المستقبل الشعار الانتخابي «لن ننسى والسما زرقا»، تعرّض لانتقادات من بعض الخصوم. فقد اتُّهِم بإعادة نكء الجراح التي يُفترض أن يكون قد طواها اتفاق الدوحة، وبخوض المنافسة الانتخابيّة بروح ثأريّة تكرّس العداء بين اللبنانيين، ولا تحمل وعداً بطيّ صفحة الماضي الأليم. وما زاد من حدّة هذه الانتقادات هو الاعتقاد بأنّ فوز «المستقبل» الانتخابي سيُترجَم حتماً بحكومة يترأسها رئيس التيّار سعد الحريري، ممّا يعني أنّ الرجل الذي كان يعدّ نفسه آنذاك لتبوّء منصب رئيس حكومة كلّ لبنان، خاض حملته الانتخابية بناءً على شعارات تصبّ الزيت على نار الخلافات بين اللبنانيين، وهي خلافات اتّخذت طابعاً طائفياً لا يخفى على أحد.
لقد ثبت أنّ أولئك المنتقدين كانوا على خطأ. فقد ركّزوا على الجزء الأوّل من الشعار، وأغفلوا الجزء الثاني. لقد صبّوا جام غضبهم على مقولة «لن ننسى»، ولم ينتبهوا إلى «السما زرقا». فعلى ما يبدو، لم يكن هدف الحملة تعبئة الناخبين ضدّ من قام بأحداث 7 أيّار، ودفعهم إلى أن يتذكّروا دائماً أنّ ثمّة «عدوّاً» لا يكتفي بالانتماء إلى طائفة أخرى، بل يتّخذ من مقاومة إسرائيل ذريعة لتخزين السلاح من أجل استخدامه في الداخل (هناك من يحاول لحس مواقفه السابقة عبر اعتبار أنّ مشكلة سلاح المقاومة هي استخدامه في الداخل خلال أحداث 7 أيّار، والتغافل عن واقع أنّ الهجوم على المقاومة وسلاحها بدأ قبل 7 أيّار بكثير، وأنّ 7 أيّار نفسها جاءت بعد إعلان حكومة فؤاد السنيورة شنّ حرب رسميّة على شبكة اتّصالات المقاومة).
لم تكن الـ«لن ننسى» إذاً هي الأساس في خطّة «المستقبل»، بل «السما زرقا». كان مجرّد شعار جميل لجذب الجمهور إلى اللون الأزرق، تماماً كما يمكن أيّ حزب شيوعي أن يرفع شعار «والوردة حمرا». فبعد مرور ستّة أشهر على الانتخابات، بدأت تظهر لافتات في بعض المدن اللبنانية تحمل شعار «مع المصالحة والسما زرقا». وغداً، ربّما، سيصبح الشعار «مع المقاومة، والسما زرقا». أو، ربّما، «مع وحدة المسار والمصير، والسما زرقا».
لقد كان الخلاف على لون السماء يا شباب. أمّا اليوم، فالمهمّ أن تبقى «السما زرقا»، ما دامت تقبع تحتها مدينة تملك وسطَها التجاري السلالة الحاكمة.