يا حكام لبنان!أخيراً، تألّفت الحكومة... وحصلت الزيارة إلى دمشق، وبدأ زمن المصالحات.
ما هي الملفات الملحّة التي يرى القيّمون على حكومة الوحدة الوطنية أنها الأوجب؟
السلاح خارج المخيمات، ترسيم الحدود، العلاقات السياسية المتصلة بالمفاوضات (وحدة المسارين) شؤون القرار 1559 وشجونه والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، بعض المشاريع الاقتصادية والجمركية بين لبنان وسوريا (استجرار الغاز من مصر عبر الأردن وسوريا، الترانزيت إلخ). ومن ثم تأتي «التفاصيل الصغيرة» المتعلقة بقانون الانتخاب ومشروع إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وغيرهما.
كل ما ذكر أعلاه هو مهم ولا شك لمصلحة ترسيخ الاستقرار الهشّ القائم...
لكنّ الهمّ الأساسي الملحّ والجوهري بالنسبة إلى معظم المواطنين هو الأمور التي تتعلق بشؤونهم المعيشية، التي تبدأ بالاستشفاء والتعليم والكهرباء والزراعة والصناعة، والهجرة التي يسببها فقدان فرص العمل، وتطبيق القوانين دون النظر إلى «ابن ست وابن جارية»، ولا تنتهي بالفساد المستشري في الإدارات الرسمية، وتواضع النقل العام ومعالجة مشاكل الطرق التي لا تحصى.. ولا ننسى بالطبع ضرورة تنمية الريف للحد من الهجرة باتجاه المدينة ما يؤدي إلى تفاقم الأزمات أكثر فأكثر.
فلينظر القيّمون على شؤوننا، وهم من معظم الأطراف السياسيين ذوي الشأن المؤثر، إلى هذه الأمور بعين الحريص على حل ولو جزء بسيط منها.
فلو سأل المشاركون في السلطة «جماهيرهم» عن أولوياتهم، لكان الجواب بالتأكيد: إن كل الملفات الكبيرة مهمة ولا شك، لكن الملفات «الأكبر» بالنسبة إلينا هي الأمور المتعلقة بشؤوننا اليومية.
فالجميع يعلم مدى المأزق الاقتصادي الذي يعاني منه لبنان نتيجة السياسات التي اتّبعت في السابق انتظاراً لحل آتٍ مع ما سمّي السلام في المنطقة، والجميع يعلم كلفة خدمة الدين الهائل الذي يقع لبنان تحت عبئه.. والجميع يعلم أنه لا إمكان لحلّ سحريّ يأتي ليخلّص البلد من أزماته على الفور، لكن الشروع على نحو جدي في البحث عن حلول للأزمات التي تخص المواطن في حياته اليومية لجعله يشعر بالملموس أنه يجري السعي لحلّها هو الطريق الأفضل لاستعادة الثقة بالنفس وللأمل بالمستقبل وللحد من النزف المستمر لمَن استطاع إلى الهجرة سبيلاً.
أيها الحكام، عالجوا أمور الناس الملحة التي مهما كلفت الدولة من أموال، فإن ما قد يُصرَف لمعالجتها سيعود بفائدة مجزية على الوطن بمجمله.. وافعلوا ما شئتم في «أموركم الكبيرة».
إبراهيم عيّاد