وائل عبد الفتاح ماذا قال أوباما لنتنياهو في اجتماعهما الليلي... السري؟! ليس مهماً. مواقف أوباما من الاستيطان معلنة، وهو يقف بحسم يؤهله لأداء دور في العودة إلى التفاوض الذي يبحث نتنياهو له عن شريك فلسطيني. مساحة التغيير محدودة للغاية. الطرف الآخر غائب. غيابه قد يطول. وقد ينفجر فجأة. الطرف الآخر غامض ومحير ومربك. رغم أن يده أضعف، وإرادته تابعة. إلا أنه لم يعد قادراً على تنفيذ مخططات ولا إتمام صفقات. الطرف الآخر، عربياً، يقيم في حالته المستمرة من ٣٠ سنة بلا مفاجآت تقريباً. كامب ديفيد واجتياح بيروت ورحيل المقاومة الفلسطينية وظهور حماس وإلى آخر سلسلة جمدت الأوضاع عند نقطة يصعب وصفها وتفسيرها. نقطة الدوران حول حالة لم تعد طارئة. أصبحت هي الأصل والواقع. جيل كامل مستقر عند تلك النقطة الغامضة. لا يعرف غيرها.
في مصر الدولة المركزية الكبيرة، كما لبنان دولة الطوائف وملعب القوى الإقليمية والدولية، وكذلك فصائل الطريق إلى فلسطين... كلهم عند النقطة نفسها. تلك التي تدع الطرف الآخر إذا أراد الحل، فلا يجد الشريك، وإذا أراد الصفقة، فلا يرى الشريك أهلاً للتوقيع، وإذا طلب الحرب فلن يجد هذا ولا ذاك.
الحالة متفشية. لا أمل في الداخل. لبنان خرج بحكومة وفاق وطني بعد ٥ أشهر عبّرت عن الاحتقان الطائفي وكرست زعامات وحزازات التوازن داخل الطائفة الواحدة.
احتجاج الكتائب وغياب وزيرها ليس مفاجأة. ولا الاحتجاج على التقسيمة الوزارية. إنه إعلان عن الترتيب الجديد الذي غيّر ألوان القيادة، لكنه حافظ على بناء الطوائف، بل وعمقها. ما كان ممكناً قبل الحرب الأهلية وأثناءها من تمرد على نظام الطوائف، أصبح الآن من المستحيلات.
إزاحة الكتائب إلى مساحة الاضطهاد والشكوى هو التغيير المتاح. كذلك فإن اختيار جمال ابن الرئيس مبارك ومجموعته، هو التغيير الذي يوافَق عليه في بلد عاش ٢٩ سنة بقانون الطوارئ، وتربّت أجيال كاملة من ضباطه وقضاته وموظفيه على العمل في نظام الطوارئ الذي لا تعرف غيره ولا اختبرت نفسها في أوضاع تنافسية، ولم تتقصَّ قواعد ديموقراطية بدلاً من التعليمات الرئاسية.
جمال هو التغيير المتاح، حاملاً معه أسوأ ما في أنظمة الاستبداد (ما بعد التحرر من الاستعمار).
وكذلك أبو مازن، فإنه غاب ومعه استقرار كامل رغم ضعفه وقلة حيلته وطبيعته موظفاً يطيع الأقوى وينفذ تعليمات من يراه السند.
رغم كل هذا، فإنه الاختيار المريح مقارنة بمرشحين سيدورون في النقطة نفسها، لكنّ أيّاً منهم لن يملأ فراغ الرجل الضعيف.
هذه حقائق عندنا، وتناقضات أو كوارث عند آخرين. وهي إشارات إلى أقصى طاقة يمكن أن يقدمها الداخل... الذي أصبح عجوزاً مترهلاً يمضغ الوضع الراهن ولا يبقى أمامه سوى أكل نفسه.
لكن الخارج يحمي الداخل... يحميه ليبقيه على نقطة الجمود تلك، أو لكي لا يتدهور الوضع ولا يجد شريكاً على طاولة المفاوضات.
أميركا حائرة في خليفة مبارك. مترددة بسبب الغضب الشعبي من التوريث، لكن ليس أمامها إلا محاولة «تحسين شروط» الوراثة.
الرافضون يبحثون عن حل من خارج النظام (فالتوريث أو العودة إلى العسكر آخر ما لدى النظام)... ولم يجدوا سوى البرادعي ليفتح الأمل الذي أغلقته طموحات جمال مبارك.
البرادعي تربية مختلفة. صرح هذا الأسبوع بأنه يمكن خوض الانتخابات إذا كانت حرة ونزيهة. والتقطت الأحزاب المعارضة التصريح ووجهت له دعوات بالانضمام، وانطلقت حملة شعبية على «الفيسبوك» لتأييد ترشيح البرادعي، وهو ما يعدّه البعض «سراباً» لأنّ الطامعين في الوراثة وضعوا أسواراً حديدية بمواد الدستور تعوق وصول أحد إلى الحلبة لا الفوز في المباراة.
في لبنان الأمل كل الأمل في استمرار التوازن السوري ـــــ السعودي، وعدم الخروج عن سقف الطوائف... أو التورط في هستيريا إقليمية بين إيران وإسرائيل.
أما فلسطين... فالمصالحة مؤجلة، وكما قيل أكثر من مرة، في انتظار توافق مصري سوري.
مختبرات المستقبل معطلة لمصلحة داخل لا أمل فيه وخارج له مصالح في تصنيع شركاء في صفقات المنطقة، لا دول أو كيانات تسير على طريق قوتها.
هل هناك داخل صامت، أو خارج له حسابات مختلفة؟ سؤال قد يخرجنا من مركز المتاهة.