ما يحقّ وما لا يحقّ
تعليقاً على تأخير تأليف الحكومة:
ثمة أمر غريب يحصل في لبنان منذ تكليف النائب سعد الحريري تأليف الحكومة، وقد لفت العماد ميشال عون إلى هذا الأمر مرّات عدّة، ولكن دون جدوى.
وما نقصده، ونعتقد أن كل مراقب حيادي يلاحظه بسهولة، هو ما يبدو من انتقاص لدور الحريري، من جانب جماعته والمحيطين به بالذات.
قال العماد عون أكثر من مرّة إنه في أحيان كثيرة يبدو كأنه لا يعرف من يؤلّف الحكومة، وهذا ما نستطيع أن نقوله نحن أيضاً.
فلنأخذ أيّ عدد من أيّ صحيفة أو نستعِد أيّ نشرة أخبار مرئية أو مسموعة، فماذا نجد؟ نجد تصاريح لجماعة 14 آذار تدور حول ما يحقّ للعماد عون أن ينال من وزارات ومن يحق له أن يوزّر أو لا يوزّر. وقد بلغت الذروة في الأسبوعين الأخيرين حين بدأوا يطرحون تشكيلات ما أنزل الله بها من سلطان، دون أن نسمع شيئاً من هذا القبيل من الشيخ سعد نفسه، التزاماً بالنهج الذي يتّبعه بالتزام السرية في شأن المفاوضات.
في المقابل، لم نسمع مرةً تصريحاً واحداً لنائب من تكتل التغيير والإصلاح يقول فيه ما يحقّ للقوات مثلاً أو لغير القوات أن تأخذ من حقائب أو من توزّر، بل أكثر من ذلك، عندما كان الصحافيون يطرحون عليهم أسئلة عن توزير السادة سجعان القزي أو فارس سعيد أو كارلوس إدّه، كان نواب التكتل يؤكّدون أنهم لا يتدخلون في شؤون الطرف الآخر... فليوزّر من يوزّر...
خلاصة الكلام أن المطلوب من الشيخ سعد أن يتخذ موقفاً في هذا الشأن، وذلك بأن يقول لهذه الجماعات، وهو وليّ نعمتهم بالمال والأصوات الانتخابية، أن يتوقّفوا عن ممارسة هذا السلوك. فإذا كانوا يفعلون ذلك عن محبّة ودعم للشيخ سعد، فما هكذا تكون المحبة والدعم، إذ إنّ كل مراقب منصف يدرك أنه عندما يظهر نائب لو ترشّح منفرداً لما نال مئة صوت، ويبدأ برسم معالم الحكومة الجديدة، وتحديد أحقية فلان أو علتان بهذه الوزارة أو تلك، فإنه يُهين أولاً وأخيراً الشيخ سعد نفسه، لأنه هو المكلّف تأليف الحكومة لا ذلك النائب.
أما إذا كانوا يفعلون ذلك لأسباب غير المحبّة والدعم، فعلى الشيخ سعد أن ينظر في شأنهم، وفي مدى قربهم منه.
يبقى احتمال أخير، لا نريد أن نصدّقه ولكنّه مطروح، وهو أن يكون الشيخ سعد نفسه هو الذي يوزّع الأدوار على هذا النحو. وهنا الطامّة الكبرى.
وعلى الشيخ سعد، أطال الله عمره، أن يعلم أن هذا الأسلوب ليس الأسلوب الصحيح لشخص يمكن أن يبقى رئيساً لحكومة لبنان لعشرين سنة قادمة أو ثلاثين.
جاسر جبور