الدَّيْن نعمة للمتسلّطينتعليقاً على المقال الذي نُشر في «الأخبار» بتاريخ 27/7/2009 تحت عنوان «جريمة الدين العام»:
الدَّين العام الرسمي أصبح حجمه 58 مليار دولار، أي ما يزيد على 215% من الناتج المحلي. هذه القفزات الكبرى في نموّ الدين تمثّل جريمة كبرى بحق الشعب اللبناني نتيجة لسياسات خاطئة اعتمدت من حكومات ما بعد الطائف، علماً بأن الحجم الحقيقي للدين هو أكبر من ذلك. وقد اتّسمت هذه المديونية بحجمها الأكبر بالمحاصصة والفساد واستباحة المال العام.
وهذه الجريمة الموصوفة التي حمّلت أعباءً للسواد الأعظم من الشعب اللبناني عبر الفوضى المنظمة وكل أنواع الحمايات للطبقة الحاكمة وزبائنيتهم الذين تحكموا برقاب العباد عبر مافياتهم الاحتكارية لجني الأرباح بوحشية رهيبة. وكذلك عبر التلاعب بالأسعار لكل السلع، إضافة لفرض الرسوم والضرائب غير المباشرة وسط منظومة فساد هائلة. ولم يحصد الناس إلا الجوع والفقر والبطالة والهجرة. أضف إلى ذلك إهمال قطاعات الخدمات العامة من ماء وكهرباء وغيرها لفرض الخصخصة، أي بيع مؤسسات الدولة لمصلحة حيتان المال.
إن ما نشرته جريدة الأخبار عن ملف المديونية القاتلة وتسلسل تناميها يستوجب قيام تيار علماني ديموقراطي لا طائفي ينتج حركة شعبية ديموقراطية وازنة، يهدف لتحقيق بناء الدولة التي تضمن العدالة والحقوق الأساسية للمواطنين، الدولة العلمانية بمؤسساتها وهياكلها بدءاً من القضاء المستقل واستكمالاً بإصلاحات تنهي هذه الحالة الطفيلية وتعزز ممارسة المراقبة والمساءلة والمحاسبة.
استناداً إلى هذا الملف ينبغي تأليف لجنة قضائية مسؤولة لتحقق بهذه الجريمة كي تمثّل مدخلاً حقيقياً لترجمة حقيقية لكامل مضمون الدستور اللبناني بكل مواده كي يكون ملزماً وليس وجهة نظر، وصولاً لإنهاء كل الشوائب في نصوصه ويكون السقف الناظم والمرجع لدورة الحياة العامة. وهذا يتطلب فصل السياسة عن الإدارة وإنهاء الاقتصاد الريعي باعتماد الاقتصاد المنتج ووضع حد لتدخلات صندوق النقد والبنك الدوليين كي نضمن فعلياً تحقيق الاستقلال والسيادة والحرية.
الحل بالدولة العلمانية الديموقراطية العادلة والقادرة، دولة القانون والمؤسسات.
علي محيي الدين
(نقابي)