خالد صاغيةلم يكن غريباً إعلان النائب سامي الجميّل دخوله إلى المجلس النيابي «بهويتنا وتاريخنا وثوابتنا ومبادئنا». فهذه المرّة، لا يدخل ابن الجميّل البرلمان مهمّشاً أو فرداً معارضاً، بل كجزء من تحالف عريض يتبنّى شعارات الكتائب وخطابها بعد طول تهميش.
فقد بنت قوى 14 آذار كلّ فلسفتها على استعادة أدبيّات الكتائب والجبهة اللبنانيّة، وصولاً إلى رفع شعار «لبنان أوّلاً» الذي استخدمته هذه القوى عنواناً لحركتها قبل أن يتحوّل إلى اسم للتكتّل الأكبر في المجلس النيابي الحالي. وسقط عدّة شهداء دفاعاً عن هذه الشعارات التي بدا للحظة أنّ قسماً كبيراً من الشعب اللبناني موافق عليها. وقد وصل هذا الفريق إلى حدّ طلب محاسبة المقاومة على سلوكها حين كانت البلاد تحت رحمة القصف الإسرائيلي.
كلّ ما كان يحيط بالشاب الذي يستعد لبدء حياته السياسية وهو يستمع إلى خطب والده وعمّه المسجّلة، أوحى له بأنّ بشير الجميّل كان على حقّ. أنّ مصائب البلاد كلّها نجمت عن تبنّي جزء من اللبنانيين مطالب منظمة التحرير الفلسطينية، ثمّ التعاون مع الوجود السوري في لبنان. وسالت أقلام في النقد الذاتي لتلك المرحلة، أبطالها ممّن كانوا في الصفوف الأماميّة للدفاع عن قضايا العروبة والانفتاح. بدا كأنّ تيار المستقبل وحلفاءه يتبنّون الخطاب الكتائبي بعد أكثر من ربع قرن.
وكان الشاب المسيحي فخوراً بتمشّيه في كرنفالات 14 آذار، يراقب جماهير وليد جنبلاط وسعد الحريري التي لم يكن ينقص صراخها إلا هتاف «هيّا فتى الكتائب».
حتّى على الضفّة الأخرى، كان خطاب العماد ميشال عون يوحي كأنّ حلم بشير الجميّل بالتمسّك بالـ10452 شرط أن تكون القيادة مسيحيّة على هذه المساحة، قريب المنال.
صدّق الفتى اللعبة. ترشّح للانتخابات. انتصر، وانتصرت معه جماهير 14 آذار. مضى في خطابه وكأنّ التاريخ قد شرّع أبوابه أخيراً أمام جيل جديد من آل الجميّل. في تلك اللحظة بالذات، جاء من يقول له: الماضي مضى وولّى. لا لبنان من دون عروبة. لا للعودة للانعزال... إلخ.
أيّ مزاح ثقيل هذا.