حسان نونحكمت المظاهر على بني البشر باعتمادها وسيلةً وحيدة للعيش، لكونها قد أصبحت واقعاً معتمداً دون سواه، وبالتالي أصبح من حقها أن تصدر هذا الحكم المبرم حفاظاً على وجودها واستمرارها. الثقافة تندب حظها، الكتاب يمزق نفسه ويتحسّر على كاتبه، الأفكار النيّرة تسهر على ضوء الشموع، الوفاء يستسلم وينهار، عزة النفس تتدحرج بين الأقدام، الكرامة تسخر من نفسها، القيم تنتحي لمصلحة «حركة COOL»، الصدق لم يعد يصدّق ما آلت إليه الحال، الصداقة وحيدة لا حول ولا خليل لها، الصدقية أتلفت نفسها بعد انتهاء مدة صلاحيتها. المسؤوليات حائرة ضائعة من دون مرسى. البصيرة تنضم إلى نادي العميان. المشاعر الطيبة تنادي على نفسها. الحب يعلم جيداً أن المصلحة فازت عليه ولم يعد يخطر على البال. الإنسانية تنتحب وتستغيث، والبساطة خارج نطاق الخدمة. الصبر نفد صبره بعد طول انتظار، أما الشفافية، فهي عاطلة من العمل، والصراحة تجلس وحيدة في صرحها. المبادئ أصبحت آنية وداسها المال. التفاني ينصح صاحبه بعدم استخدامه لكي لا يحرجه ويحرج نفسه أمام المارة من البشر فقط. التاريخ يتعرض لقصف عنيف ومباشر من مرابض مدفعية سياسة التعمية. الإيمان يبحث عن مؤمنين، الأخلاق الحسنة تبحث عن حسن والأخلاق الحميدة هجرها حميد.