محمد هادي مكيلا عجب أن تمسي العملية الانتخابية في لبنان عملية بروتوكولية تؤدّى كل أربع سنوات؛ ففي بلد باتت السياسة فيه حكراً على طائفة لا تتبدّل من الزعماء وسط رضى أُناس مخدرين بالجهل ومصابين بالعمى، استحقت هذه العملية أن توصف بالعملية البروتوكولية، حتى أنه بات أولى أن تسمى بالمهزلة المؤداة من جانب الأشخاص أنفسهم. ثم ينادون بالتغيير والبناء ويطلقون الوعود فيعمرون الوطن ويضيئونه على الخريطة شعلة براقة لتندثر بذلك البطالة وتشع البيوت من كثرة الوفرة وحلول الأمن مع ترافق الهتاف والتصفيق وتناغم الشعارات والمدائح، ثم سرعان ما تموت الآمال وتدفن الوعود بمجرد جلوس النواب على كراسيهم بعد الليلة الأولى من صدور النتائج. وتزداد التساؤلات وتدق الأبواب وتزدحم الصفوف، ولكن ما من مجيب. لقد انقسم المجتمع إلى حكام ومحكومين، فهذا ما صنعته أيدي الناخبين وجلبته وعود الحكام الكاذبة لتنطلق مسيرة الحلم من جديد على أمل تحققها بعد سنوات. وتتكرر المهزلة ذاتها، إلا إذا أدرك الناخبون معنى التغيير ولذته الذي لا يصنعه أحد سواهم، فلو تكاتف الجميع في وجه هؤلاء الحكام لما امتلأت القاعات النيابية بصدى الأكاذيب ولما تلاشت الوعود. لكنّ جهل الناخبين وسذاجتهم وانشغالهم بالدسائس والفتن الطائفية والمذهبية أدت إلى الفشل الانتخابي وعطّلت السياسة في لبنان وحوّلتها إلى نقمة على اللبنانيين. فهل يجوز أن يُفتح الباب أمام حكام لا يشاطرون شعبهم مشاكله ولا يندمجون مع المجتمع أصلاً، وكيف يحكم بالعدل مَن لا يصنّف نفسه ولا يخجل من التلوّن أمام العلن بألف لون وألف مظهر. ولكن ما الذي يمكن أن يُقال في هذا المقام سوى التأمّل بواقع الشعب اللبناني ومرارة تعصّبه للجهل واستسلامه للهوى.