جردة من 3 دراسات للتيّارات الدينيّة العربيّة وأخواتها
نبيل المقدم
يعالج «اختبارات المقدس» ثلاث دراسات تتنوع موضوعاتها وتختلف طريقة معالجتها؛ الأولى تُشغل بمشكلات الفكر والمعرفة والفلسفة في العالم العربي الحديث والمعاصر وتلامس الملامح العامة للتيارات الفلسفية والفكرية التي اضطرب بها أفقنا الثقافي والفكري في خضم أحداث كبرى ووقائع معينة. أما الثانية والثالثة فتنصرفان إلى معالجة قضايا تتصل بالتصوف وبمذاهب فلسفية عرفانية كان لها حضورها في فترة من فترات تاريخنا وأثر كبير في مجمل مناحي ثقافتنا وفكرنا.
ومن المواضيع التي يعنى بها الكتاب تفحّص انزياحات المقدّس في عصر العلم والتقنية وتعدد أشكال تجلّيه وتبدّيه والسياقات التي يحضر فيها ويستثمر بها والأفق الذي فتحه كل ذلك أمام تجارب الإنسان واختباراته، كما يتطرّق إلى الآثار التي تكشّفت وانبثقت عن الاستعادة المشوشة والمضطربة للمقدّس وللديني والتي فتحت عالم الإنسان والطبيعة على المجهول والقلق.
كما يُعنى هذا الكتاب بتلّمس جوهر الظاهرة الدينية ومعناها وباكتشاف الكيفية التي يتم بها اختبار المعاني الدينية والمضامين الروحية في الأشكال المتنوعة للعيش والحياة والطريقة التي يتم من خلالها تبصر المضامين المقدسة التي يتم إسباغها على الدوام على أفعالنا وختباراتنا وتجاربنا الدنيوية.
ومن الأمور التي يعالجها هذا الكتاب أيضاً، علاقة الدين بالحداثة. وهنا يدخل الكاتب في جملة مقاربات لعصبة من المفكرين الذين كان لهم دور بارز وحضور طاغ في المناخ الفكري المعرفي في القرن الأخير، حيث احتلّ هذا الموضوع حيزاً من جهودهم الفكرية ومساحة من انشغالهم المعرفي. ويحاول الكاتب إعادة صياغة الكثير من أفكار هؤلاء وأن يتوسّع فيها مضيفاً بعض الفقرات والأبحاث التي تزيدها وضوحاً وتطور جملة أفكارها وتصوراتها.
خنجر حمية يبذل جهداً مميّزاً وهو يخترق الصعوبات التي تواجه الإحاطة بالجهود المعرفية وبالنتاج الفكري الفلسفي في العالم العربي الحديث والمعاصر، لأن التأريخ لكل الذين تركوا بصماتهم على تطور وعينا الفكري والثقافي والفلسقي، يحتاج إلى إمكانات كبيرة وتضافر جهود وصبر ورويّة وحذر وإحاطة كافية بالمنابع الفكرية المختلفة التي نهل منها مفكرونا. ويزداد الأمر صعوبة إذا أدركنا أنّ الجهود الفكرية والفلسفية في العالم العربي الحديث لا يمكن إدراجها ضمن اتجاهات محددة وواضحة المعالم، وأنه يصعب بل يتعذر تصنيف المفكرين في تيارات ومذاهب تتميز بمنهج متكامل من التأمّل والنظر.
على أيّ حال فالطابع العام الذي غلب على هذا الكتاب هو بجوهره يكاد يلامس قضية استغرقت حيزاً هاماً من اهتمام المفكرين المسلمين في نهاية القرن الماضي وبداية هذا القرن في خضم تجربة التحرّر من الاستعمار والبحث في عوامل نهوض الإحساس المتعاظم بالعجز إزاء الآخر.
وأخيراً يحاول الكاتب في أبحاثه هذه تقديم اختبار مستغرق ومعمق للطقوس العبادية وشعائرها، ويحيلها إلى تجربة معرفة واكنتاه وتبصر وإلى تجربة وعي داخلي واستشراف وإلى تجربة قيم وأخلاق وترقٍّ.
* كاتب لبناني


العنوان الأصلي
اختبارات المقدس

الكاتب
خنجر حمية

الناشر
دار الأمير