فكرة المقاومة تبقى «أخطر» من السلاح
عامر ملاعب
يعيدنا كتاب «من أجل لبنان، المقاومة والديموقراطية»، إلى مرحلة اعتقدنا أنها قد أفل نجمها وأضحت من الماضي. مجموعة من المقالات تدغدغ ذاكرتنا بأحلام وردية تتجاوز كلّ الأشكال إلى المضمون والهدف. لا يهم عند الكاتب إسماعيل إبراهيم إن كانت الراية التي تغطي المقاوم علمانية أو دينية، حتى إنّ الاشتراكية عنده لم تمت أو تنتهِ بل ستبقى موجودة في أطر وأشكال أخرى وقابلة للحياة في أي وقت.
يطرح الكتاب مجموعة من البديهيات والمسلّمات. لكن، حين ندخل إلى المضمون، نجد أن الأمر مختلف ويحتاج دائماً إلى إعادة نظر ودرس من جديد لتقديمها على أطباق تواكب العصر و«الموضة»، ربما لكي تبقى قابلة للاستهلاك والعيش، وقد أبدع في مقاربة ملفات شائكة مثل موضوع الاستشهاد أو المقاومة بآخر ما تمتلك الشعوب، وهنا يخرج بعبارة ــ شعار مهمّة جداً: «الاستشهاد نسيج أصيل في الحضارة». أي أن من يقدم نفسه على مذبح القضية بغضّ النظر عن اعتقاداته الغيبية من جراء إقدامه، جدير بأن نناقش الأسباب عنده.
ويعيد طرح السؤال بطريقة أخرى «لماذا يُقدم هؤلاء الناس على ذلك»؟ ويرى أن مقولته هذه هي صرخة صغيرة جداً في وجه عمالقة الإعلام سَوَّقَت بشكل مكثَّف أنّ هؤلاء «انتحاريون قانطون من الحياة». وهذا عمل شنيع غير مبرر أخلاقياً وأدبياً وغير مناسب لسلّم القيم الغربية المعتمدة، ولكن ألا يسأل هؤلاء أنفسهم عن سبب تلك الأعمال، ويستنتج أن «المقاومة هي أقرب الطرق إلى الحرية».
من أجل لبنان المقاومة والديموقراطية، مجموعة من المقالات في شؤون متعددة ومتنوعة من المقاربات الفكرية والسياسية كتبت بين بيروت وكوبا في مراحل متعددة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وتراجع النموذج الاشتراكي من العالم وآثار ذلك على حياة البشرية جمعاء، وإن كان الكاتب يضع على بساط البحث أولوية نقد تلك المرحلة والماركسية، ولا يجد بديلاً عنها معدلةً في وجه الليبرالية المتوحشة التي تجتاح الكون.
ويطرح عنوان «الاشتراكية هي الديموقراطية» ليؤكد أن الديموقراطية مهما بلغت شعارات طرحها، تبقى تحت سقف «كيفية الحكم الأفضل والأرقى للشعوب».
ويدخل إلى لبنان من باب الحديث عن واقعه المأزوم، ويصف حالة الأديب اللبناني عمر فاخوري كنموذج مصغر عن أزمة وطن حين تدرجت أفكار هذا المثقف من نشر كتاب عام 1913 يحمل عنوان «كيف ينهض العرب؟» إلى أن تصل تحليلاته الفكرية عام 1945 في التنظير للكيان اللبناني من خلال كتاب بعنوان «الحقيقة اللبنانية»، أي أن فاخوري مثال للتحولات الكبرى في المشرق من النهضة القومية العامة في وجه الإمبراطورية العثمانية والاستعمار اللاحق إلى مرحلة الكيانية الضيقة وتفرّد كل قطر بفلسفة خاصة به تقوقعه. ولذلك، فإنّ لبنان مرتبط بشكل كلي وعميق الانفعال بما يحدث في العالم والمنطقة. وكان الدليل الساطع ما حدث في السنوات القليلة الماضية حين رأت كل قوى الاستعمار وأدواتها في المنطقة الخطر الداهم عليها من المقاومة اللبنانية ليس بناحيتها المادية فقط بل، بالفكرة حتى.


العنوان الأصلي
من أجل لبنان المقاومة والديموقراطية

الكاتب
إسماعيل إبراهيم

الناشر
إسماعيل إبراهيم