ريما يونسبعد زوال شبح الحرب الأهلية مؤقّتاً، ربما نشعر بالارتياح، وبأنّنا سنحيا من جديد بآمال وأحلام تطير بنا إلى هناك إلى حدود اللامطلق حيث الشمس والعطر والياسمين. ولكن السؤال الأصعب، من يرمّم ما تكسّر في قلوبنا؟ من يعيد الذين رحلوا عبثاً كالهباء المنثور؟
كما كل حروبنا، نحن الضحية وهم الجلادون. يجلدوننا من دون أي رحمة بالكلمة، ويتناسوننا عندما نموت دفاعاً عن مبادئنا وحقّنا بالعيش. نقاتل من أجل غد أفضل ومستقبل أفضل، ولكن التاريخ يخدعنا دائماً. فنحن نعشق هيكلنا القديم ونرفض التخلي عنه، فهو الشاهد على عبثيّتنا. الصورة تتكلّم من المؤتمرات والكلمات وما هنالك من هلوسات تفرّقنا مجموعات غريبة نألفها بالوقت عينه. لم ننسها بعد. سرعان ما نصطفّ وجهاً لوجه لمواجهة دامية دفاعاً عمّا هو مبدأ. تصفعنا قساوة المشهد وحقده. ترعبنا الوحشية التي تشرّبت فينا. كالكواسر نفترس الضحيّة ونمعن تمزيقاً وتشويهاً وتنكيلاً وقتلاً للإنسانية فينا. وفي النهاية ينتهي كل شيء. ولكن هذه المرة انتهى بقطر الأم الحنون كما يقولون والحضن الدافئ حتى لإسرائيل. اتّفق زعماؤنا على قتلنا وإبادتنا بتخلّفهم وهمجيّتهم الرعناء التي تتكرر كل عقد تقريباً. اتفقوا على اللا اتفاق. كان من اللافت أنّ أنظار الجميع التفتت نحو الاتفاق وتسيير البلد وإعادة الحياة من جديد. وكان لافتاً أيضاً الصمت المطبق للمطالبة بتسليم من نفّذ ونكّل في حلبا والجبل. لم يأبه أيّ من هؤلاء بنا. كلّ يغني على ليلاه، وليلنا بارد مظلم ينبئ بالمزيد من العواصف والمصائب التي تتربص بنا عند مفترق الطرق. لا أعلم. كلّ ما أعلمه أننا لا شيء. مجرّد أحياء نشبه الأموات حدّ التطابق. لا شيء أكثر.