نضال حمد جرت العادة أن تحضر السعودية القمم العربية، عملاً بمقولة إنّها زعيمة العالم الإسلامي لا العربي. فزعامة العالم العربي لم يتمكّن أحد نزعها من مصر، بالرغم من ارتباط الأخيرة باتفاقيات كمب ديفيد التي كبّلتها وأخرجتها من معادلة الصراع العربي الصهيوني. بعد اتفاقيات كمب ديفيد ولدت اتفاقيات أخرى مثل اتفاقية أوسلو بين ياسر عرفات، الذي دفع سمعته ومن ثم حياته ثمناً لذلك، ولم يكن شريكه من الجانب الصهيوني في «سلام الشجعان» إسحق رابين، أسعد حظّاً، إذ دفع حياته أولاً ثمناً لإعلان المبادئ الأوسلوي.
بعد انبطاح قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ودخولها اسطبلات داوود، عملاً بالقول الشهير للزعيم الليبي معمر القذافي، سارع ملك الأردن الحسين بن طلال، الذي كانت له علاقات واتصالات دائمة مع الكيان الصهيوني إلى توقيع اتفاقية وادي عربة. حصلت تلك المآسي العربية تطبيقاً للخطّة الصهيونية باستفراد كلّ بلد عربي على حدة، لتبدأ بعد ذلك السفارات والممثليات والمكاتب الصهيونية تنتشر في العالمين العربي والإسلامي.
في أجواء كهذه كالحة، تمكّن العرب من قبر الجامعة العربية ومقرراتها، حتى السيئ منها مثل مقرّرات قمة بيروت. ثم جاءت دعوة ملك السعودية قبل أيام لبدء حوار بين الديانات الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية. إن الخطر يكمن في أن تكون الدعوة السعودية خطوة أولية على طريق تكملة عملية التطبيع الخليجي مع الاحتلال الصهيوني.
قمّة دمشق لم تكن عادية بسبب العداء العربي الأميركي لها، خاصة مواقف السعودية ومن يدور في فلكها في العالم العربي. وفي هذا بالذات تكون سوريا تحررت من الإملاء الأميركي.
لقد واجهت القمة معارضة واضحة وصريحة وقوية من قبل تحالف السعودية، إذ رغبت الأخيرة بفرض إملاءاتها على الجانب السوري. لكن السوريين رفضوا ذلك وعاملوا السعودية بالمثل حين أوفدوا رئيس الهلال الأحمر السوري ليقدم الدعوة السورية للسعودية للمشاركة في القمة. وكان هذا العمل موقفاً سورياً واضحاً من تلك الإملاءات ومن الضغوطات الأميركية. فالموقف السعودي يؤمن، كما قال صحافي سعودي متأمرك، بالتنازلات الإيجابية. وهذه التنازلات تعني الموافقة على كل ما هو أميركي. وكل ما هو أميركي هو في الوقت نفسه صهيوني. لذا كان على سوريا أن تتّخذ الموقف الصحيح، وباعتقادي أنها فعلت ما كان يجب أن تفعله.
أما الذين لم يشاركوا في القمة فسوف يسجل التاريخ أنهم لم يشاركوا لأنهم منعوا بقرار أميركي من المشاركة.