ماذا كتب السنيورة في دفتر ملاحظاته عن نازحي الجنوب؟
عدي الموسوي
كما ألصق البعض صفة «المغامرة» على فعل المقاومة خلال حرب تمّوز 2006، يمكننا أن نطلق صفة المغامرة على الجهد التوثيقي والتحليلي الكبير الذي قدّمه مؤلّف هذا الكتاب. ومبعث المغامرة أنه جاء بعدما تسابق المؤلفون ودور النشر على السواء إلى كتابة مؤلفاتهم وإصدارها بعد أسابيع معدودة من انتهاء الأعمال الحربية لحرب تمّوز، لتكون الحصيلة عشرات الكتب والعناوين التي حكم أغلبها التسرّع والنوايا الطيّبة، فلم تأتِ منسجمة مع الحدث وأهميته. من هنا تتجلّى مغامرة الكاتب، حيث إنّه تأنّى كثيراً قبل إصدار كتابه دون أن تستثيره حمى التأليف، ليطرح كتابه قبل اكتمال مادّته، وهي التي بدأ بتجميعها منذ الأيام الأولى للحرب، وصولاً إلى صدور المرحلة الأولى من تقرير لجنة فينوغراد الذي كان خاتمة الكتاب الفعلية.
وهكذا سنكون مع جهد استقصائي، يتوضّح تارة عبر شهادات نادرة للمقاومين، قادةً ومقاتلين على حدّ سواء، التي استقاها المؤلّف بنفسه بعد وقف إطلاق النار مباشرة، وهي معلومات وتفاصيل حجب بعضها أشهراً قبل أن يكشف عن بعضها لاحقاً، فيما ينفرد هذا الكتاب بنشر بعضها الآخر.
وفي المقلب الآخر، قد ينفرد هذا الكتاب عن غيره من مؤلفات مكتبة حرب تموز 2006، بغوصه في الأداء السياسي للحكومة اللبنانية والخلافات التي اندلعت في الكواليس بين رئيسها فؤاد السنيورة وممثلي حزب الله فيها، وهي الكواليس التي قدّمها الكتاب برؤية أحادية، قدّمت رواية وزراء حزب الله ومسؤوليه دون الإفساح لرواية الطرف الآخر، التي ربّما لم يتمكّن المؤلف من الحصول عليها ـــ وهو ما لم يبيّنه ـــ أو هو اكتفى هنا بالسبق البحثي / الصحافي الذي يتجلّى بنشر وثيقة بخطّ الرئيس السنيورة، على أوراق من دفتر ملاحظاته، يقدّم فيها رؤيته لمشروع وقف إطلاق النار، وفيها تتجلّى بوضوح تلك النقاط الخلافية التي أنكرتها الأوساط الحكومية لاحقاً، ومنها عدم المباشرة بعودة النازحين إلاّ بعد ثلاثة أشهر من نشر القوات المتعددة الجنسيّات التي يتوسّع عملها ليشمل جنوب الليطاني وشماله على حدٍّ سواء!
ربّما سيرى البعض أن هذا الكتاب غير موضوعي، تحكمه رؤية منحازة للمقاومة وحزب الله، بدءاً من العنوان، مروراً بالمعالجة، وهو انحياز قد لا ينكره المؤلّف، ولكنّه سيبرّره من خلال النتائج التي سيصل إليها من بحثه في نتائج الحرب وانعكاساتها على الوضعين العربي والإقليمي والدولي، وانعكاساتها على الداخل الإسرائيلي.
كتاب الإعصار لمؤلفه الباحث والصحافي أمين مصطفى مغامرة بحثية، نجحت بشكل كبير في إشكالية معالجة الحدث الراهن الذي لم تكتمل كل تفاصيله، وهو إضافة مهمة عن تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ولا شك في أنّه سيكون مصدراً مهماً، حيث إنه قال كلمته وكشف العديد من الخفايا التي قد يأتي يوم يسعى فيه الكثيرون لتغطيتها بغبار السياسة وما تفرزه من الصيغ التوافقية، اللبنانية منها أو العربية على حد سواء.
* كاتب لبناني


العنوان الأصلي
الإعصار: أسرار الانتصار الثاني لحزب الله
الكاتب
أمين مصطفى
الناشر
دار الهادي للطباعة والنشر