لبنانيّون رأوا وهج البارجة الإسرائيليّة تحترق من زغرتا!عامر ملاعب
يستعيد جورج فرشخ في كتابه «حكايا الغضب والأمل» تلك اللحظات الرهيبة من حياة اللبنانيين عامةً والجنوبيين خاصةً، في
تلك اللحظات التي كانت تجربة قاسية جداً في مضمونها
وشكلها.
منذ عام ونصف، أي بعد نهاية عدوان تموز، صدرت كتب ومطبوعات عديدة حول الحرب، سياقها وخفاياها وأسرارها، عالجتها من مختلف الجوانب، إلا أن فرشخ غيّر السياق، وكانت الشخصية المتخيلة «أم حسين»، المرأة الثرثارة كما يودّ أن يسمّيها هو، هي التي تثير الأسئلة وتطرح علامات الاستفهام، وهي التي تؤكد أن حزب الله الشيعي قد منع المقاومة عن غيره من الطوائف، وهي التي تسأل عن التأثير الإيراني، وتناقص دور المسيحيّين نتيجة الهجرة وسوء تقدير السياسات الاستراتيجية من قبل بعض زعمائهم. وهي التي تشاكس بأسئلتها الشخصيات الحقيقية لأناس من لحم ودم، مسؤولين محليين ورؤساء بلديات ورجال دين من مختلف الطوائف، ومقاومين وأهاليهم، واستشهاديين يروي بلسانهم ولسان أقاربهم التجربة، وأطباء وممرضين وممرضات، إلى لحظات الحرب نفسها كيف تحوّل المجتمع إلى خلية عمل بمختلف تقسيماته الأفقية والعمودية، الروحية والزمنية، كي ينقذ نفسه في لحظة موت جماعية مع آلة عدو لا ترحم ولا تذر.
يقول فرشخ «ليس في الجنوب شيء صعب، حين يبدأ الطيران بالقصف، لا تتحرك، اجمدْ في مكانك واصبر إن الله مع الصابرين... قمة الجرأة والتضحية والفداء أن تبقى حياً لتقاتل، وهنا لا يصعد إلى الجبهة إلا كل مغروم بالأرض ومحب للحياة...». هذه عينة عن تلك اللحظات التي يصفها الكاتب بأسلوبه الروائي المتنقل بين الواقع الحقيقي الفظ أحياناً في وصف الوقائع، أو في كيفية التعاطي بين الأهالي والنازحين، أو في طرح أسئلة تكاد الإجابة عنها مستحيلة. ويعرّج في سياقه العام على الآراء الأخرى، إذ نرى مثلاً السيد علي الأمين يقتحم المضمون في طرح آرائه المخالفة لشبه إجماع طائفته، منتقداً ما يسميه «تفرّد حزب الله بقرار الحرب والسلم ومعه يغيب دور الدولة نهائياً، ويجدد تأكيده أن إسرائيل عدو، ويطلب الحوار مع حزب الله وقيادته، لا بل يطلب تحديد موعد مع السيد حسن نصر الله».
في نهاية الكتاب، وفي الكلمات الأخيرة، يصف ما حدث في إطلالة السيد نصر الله الأولى بعد بداية الحرب حين قال «انظروا إلى البارجة التي تقصفنا في عرض البحر وهي تحترق»، هبّ جمع كبير من المواطنين إلى قبالة البحر للتأكد، بمن فيهم هؤلاء القاطنون في منطقة زغرتا، وحينها تراءى لهم أن وهجاً أحمر يأتيهم من تلك الجهة، إلا أن تلك المرأة الثرثارة التي تمثل ضمير الوطن والمواطن قالت وهي جالسة في مكانها «لن أخرج ولن أتزحزح من مكاني، فالسيد يقول إنها تحترق يعني أنها تحترق ولا داعي للتأكّد». هكذا هي أهميّة المقاومة ودورها ومصداقيتها مع أهلها وجمهورها ووطنها، وإن كان هناك ملاحظات وانتقادات.
* من أسرة الأخبار


العنوان الأصلي
حكايا الغضب والأمل
في حرب تموز 2006
إعداد:
جورج فرشخ
الناشر
دار بيسان للنشر والتوزيع