سيده يوسف كلاس
لم يعد في بلدي نهار، ليله دخان أسود ونار، ودروبه حزينة، شعبه متعب محتار. حكاية كأنها على موعد مع المجهول. أين المصير في وطن أيادي حكامه مصابة بالشلل، عاجزة عن العطاء، علّتها أنها تدفع بالشرّ بسخاء؟
آذانهم صماء، عيونهم عمياء، أفكارهم مشتتة، ضائعة كسفينة تتصارع في هواء خنّاق.
آراؤهم غائبة تائهة في مساحة محددة. أسفاً لا يستطيعون تجاوزها، ولا يملكون الاختيار كالطفيليين، اعتادوا على التلقين، يتكلمون في العموم وأفواههم تقذف السموم.
يا لهم من ثعالب بأثواب حَمَل حنون، أرأيتم كم هم خائبون ولا يدرون؟ لقد نسبوا لبلدهم أنه هرم شامخ وعظماؤه متفوّقون. ومهما كبرت المحنة فهم يصمدون. تاريخه شهادة لميلاده ونهضته بطولات ومجد كفرس المتنبي، لأن أرضه ثابتة لا تهدمها مؤامرات. جدرانه متينة لا تهزّها تحديات، سقفه عالٍ لا تلفحه خيانات. وأهمّ ما في موقعه هو أنه محطّ للأنظار، لا تلغيه الحساسيات، ويا ليتهم يتقنون لغة واحدة من اللغات، أن يتجنّدوا لبقائه فوق كل التمنيات. لبنان لؤلؤة وقعت من السماء لتوضع على صدور الشرفاء الأوفياء، ولا تحسن قطط الليل لمس هذه اللؤلؤة خوفاً عليها من الضياع. لا يأتي الحلم العربي بعون الحبّار، أسد الغاب المختار ليتقن أصول بناء الأسوار وشوكه يؤذي اللئيم ضد المسار.