روز زياده
الخلافات بحدّ ذاتها مادّة داعية للحزن واليأس والنفور. فكيف بها وهي بين أبٍ وأحد أبنائه. نحن الشعب تحزننا الطريقة التي دفعت بذاك الابن للتهجم على أبيه، وتحت أنظار أعين كل العالم. بكت قلوبنا لأن المستغلّين كانوا متلطّين هنا وهناك، والمنتفعين أيضاً.
المفاضلة خنقت الاحترام الأبوي. أثبتنا نحن اللبنانيين أنه لا فرق عندنا إن انشطر أبناؤنا عنا لطمع بما نملك، أو دفعنا بهم للانشطار، وبعدها نلجأ إلى الاستغاثة والصراخ لنبرهن أن هذا الابن عاق. بعد مضي مدة على حادثة الهجمة الشرسة من منتفعين، تصدياً لأقوال قالها ابن تركه أبوه محبةً بأخيه. لومنا ليس على المتهجّم بكلام عُدّ مشيناً، بل على مسبّب عاصفة نكراء من التعبير. نحن اللبنانيين لا نحفظ شيئاً من الكتب السماوية. الإنجيل المقدّس يذكر أن الابن انشطر عن أبيه طمعاً بالحرية، والأب انتظره سنوات مفتوح القلب واليدين.
أما ابن لبنان الذي استفزته المفاضلة العلنية، والنكران الأبوي، استعظمنا قوله.
الجميع استخفّوا بصراحته، بصرخة آلامه. فأبوه لا قلب مفتوحاً لمحبته، ويداه لم تكونا يوماًَ فضفاضتين اتجاهه. إن للمقامات حُرمة، ولكن هذه المقامات سمحت لنفسها بتخطّي الكثير من المفاهيم، من الرسميات، من واجبها الأول والأخير. نحن لا ندافع، نحن نرصد الحق.
وأيٌّ منا يُضرب من بيت أبيه لن يعود إليه طالباً الصفح. رويداً أيها المنتفعون، والمتعاطو التصاريح المحقّة. عودوا إلى القلوب واحكموا عليها قبل أن تحاكموا من سمّى السواد الطاغي على القلوب.