فراس حريري
إنه الموت، ينشب أظفاره في الجسد، يمزّقه، يحيله حطاماً، ويجعله أشلاء. إنها اللاقدرة، عندما تقف أمام الأمور عاجزاً عن الحراك، لا تستطيع تقديم أي شيء، لا تقدر أن تقوم بأي عمل، تطغى عليك فكرة الانتظار.
إنه الموت الحقيقي، عندما يقبض الزمن على رئتيك ويجعلك رهينته، يربط مصيرك بسلوكه الأحمق اللامعقول، الذي لا يطابق أحلامك في معظم الأحيان. أن تكون في زاوية الانقياد الأعمى، والانصياع الحتمي. أن لا تملك القدرة على الفعل، و لا حتى على ما يؤهّلك لتمتلك القدرة. إنه لعبث عقيم، أن لا تكون المبادرة في يدك. إنها لسخرية تلك الحياة التي ليس لك فيها أي قرار، ولا أي أثر.
يغرز سيف التبعية في نحرك، لكن جسدك لا يموت. ولكن تموت فيك شعلة الحياة وينطفئ فيك لهيب الوجود. إنها لمأساة أن تعيش في كدر الانتظار، أن تنتظر المستقبل لترى ماذا يخبّئ لك من تفاهات لا معنى لها، أن تنتظر الآخر المجهول ليجعلك ذلك التافه، ليحيلك ما سوف تصبح عليه.