عامر ملاعب
هل المقاومة وحركة التحرّر بحاجة إلى تسلّم السلطة؟

«التطورات الأمنية في السلطة الفلسطينية» عنوان كتاب جديد لتفاصيل قديمة شغلت الإعلام والواقع الفلسطيني في صراع داخلي بين أبناء الوطن الواحد بعيداً عن الصراع الأساس في وجه العدو المستعمر والغاصب للأرض والإنسان والحق.
الكتاب عبارة عن تقرير معلومات يؤرّخ ويؤرشف التطوّرات الأمنية التي شهدتها الأراضي الفلسطينية منذ الانتخابات التشريعية في أواخر عام 2005، التي فازت فيها حركة «حماس» بشكل كاسح، وصولاً إلى سيطرة الحركة على قطاع غزة في أواسط عام 2007، إضافةً إلى ملحق الوثائق التي تتضمّن جداول إحصائية لحالات الفلتان الأمني، ورسائل بين قادة من «فتح» أو من السلطة وبين الأميركيّين بشأن الانتخابات والنصّ الحرفي لخطّة دايتون ووثائق مصورة أخرى. الملف الأمني في السلطة الوطنية الفلسطينية هو الملف الأهم والأول والأكثر حساسيّة وتعقيداً، تتداخل فيه كل الملفات والقضايا والشوائب والأجهزة والاستخبارات والمعادلات الدولية وغيرها، مع طموح مشروع للشعب الفلسطيني بأن يحكم نفسه بنفسه، واصطدام ذلك بمشاريع الاحتلال الذي يحاول دائماً تحوير كلّ النقاط كي تكون لمصلحته الخاصة في تثبيت استعماره وحماية نفسه، ويبرز ذلك في الاتفاقات التي وقّعتها السلطة مع الاحتلال، وكيفية التملّص منها عند أي فرصة تُتاح للقوى الرافضة لهذه الاتفاقات كي تحفظ الوطن والقرار الوطني الفلسطيني.
يحاول الكتاب أن يظهر تجرّده وابتعاده عن إثارة نعرات سياسية داخلية مباشرة، لكنه يوحي من خلال سياقه العام بتحميل تصرفات قادة وأجهزة من «فتح» مسؤولية ما حصل، على أساس التخلّي عن مركزية القضية الفلسطينية ومحورها عندما اعترفت بوجود الكيان الصهيوني ومدى ارتباط هؤلاء بالمشروع الأميركي الإسرائيلي. يبرز من خلال الكتاب عامل نفسي واضح لدى الفلسطينيّين وهو التمظهر الدائم بالبروتوكولات الشكلية من الصورة والمصافحة وطاولة الاجتماعات إلى تصوير أهمية البيان والقرار والتصريح وغيرها وكلّها تصوَّر على أنها تاريخية، وكأنهم في تعويض نفسي عمّا يفتقرون إليه على أرض الواقع. ويحاول الكتاب، إبراز عمق الأزمة الداخلية، وهي أن العين الفلسطينية لا يمكنها أن تقاوم المخرز الإسرائيلي. ومن ثمّ ينطلق إلى برهان وتأكيد أنّ ذلك غير صحيح، وأنّ حركة الشعب والشارع الفلسطيني تتقدّم ببطء نحو فرض وقائع جديدة على أرض الواقع، تخرجنا من حالة الانهزام النفسي التاريخي بأننا ضعفاء وكُتبت الهزيمة علينا ولن نخرج منها.
بكل ألم يسجّل هذا الكتاب تلك التفاصيل الطويلة والمملّة عن صراع داخلي بين إخوة الوطن في صراع على السلطة والإمساك بالقرار الوطني، على اعتبار أن ذلك من ضمن سياق حركة التحرر الوطني التي يخوضها الشعب، ولا بد من وجود تناقضات في الرؤية تجاه القضية الأساس، ولكنّ ذلك لا يمنع التفكير في رؤية أخرى تقول أن لا داعي ولا ضرورة لأن تكون حركات المقاومة في السلطة، وهي أصلاً سلطة غير موجودة في فلسطين، وما الصراع الدائر حالياً إلا تناتش على بقية باقية من أطلال هذه السلطة الوهميّة.
* من أسرة الأخبار





العنوان الأصلي
التطوّرات الأمنيّة في السلطة الفلسطينيّة
إعداد:
حسن إبحيص ووائل سعد
الناشر
مركز الزيتونة للدراسات