رشيد ثابت
شاهدت منذ أيّام، النائب سعد الحريري يرتقي مرتقىً صعباً جدّاً، يتهدّد فيه حزب الله ويتوعده. ويبدو أنني لم أكن وحدي الذي شعر بأن النجل الثري الذي صيّرته جملة من الظروف الزمانية والمكانية والجينية زعيماً وقائداً . لم أكن وحدي الذي شعر بأنه (النجل) لم يكن مقنعاً حين استخدم خطاب القوة والعجرفة ولغتهما مع من عركتهم الحروب وعركوها، على ما هو عليه من نعماء ولين وعود رقيق.
ولذلك ظهر اليوم وليد «بيك» جنبلاط ليعيد ترديد الرسالة نفسها. وفي ظنه، ربما، أن في شعره الأشيب، وعينيه الجاحظتين الناظرتين شزراً، وتاريخه في حروب الأزقة و«المرجلة» على المستضعفين، ما يكفي لتخويف حزب الله
والمقاومة، وإكساب فريق الفوضى الخلّاقة ــــ فرع لبنان ــــ نفساً حامياً ولمسة خشونة تعوّض ما ينقص زعامة التيار الأميركي في لبنان من شيم «الزلم» (أو الزعامة الشكلية المدّعاة للتيار)!
والجدير ذكره، أنه بالرغم من خصوصية الوضع اللبناني قياساً إلى وضع فلسطين، وتقسيمة الطيف السياسي هناك بين حزب المقاومة وحزب أعدائها، إلا أن الصورة بين آجام الأرز ومنابت الزيتون لا تختلف كثيراً. حزبا المقاومة هنا في فلسطين وهناك في لبنان يحملان الأجندة الوطنية نفسها، وحزبا المتأمركين يقرآن من ألوح الخيانة نفسها. تخيّلوا أن حزب القوات اللبنانية ــــ وهو من هو «يمينيةً وانعزاليةً وطائفيةً وعمالةً لإسرائيل»، كما كانت أدبيات «فتح» وكمال جنبلاط تقول في الأيام الخوالي! ــــ بات ضيفاً على احتفالات ذكرى انطلاقة «فتح» في لبنان. وصار عباس زكي سفير المنظمة في لبنان رسولاً مبعوثاً لدى آل الحريري وحلفهم مع الباطنيين ومخلّفات الحملات الاستعماريّة (بلدة «بِكْفَيَّا» عاصمة «آل الجميِّل» كانت قد أهدت قافلة نبيذ لنابليون إبّان الحملة الفرنسية على مصر، وحصلت منه على كتاب يُلحق «الأمة المارونية» بفرنسا!).
ويمكن بسهولة ملاحظة كيف أن توزيع أدوار الفريق التفريطي في فلسطين ولبنان يجري على يد المخرج الأميركي نفسه؛ هناك طعن في المقاومة (اتهام حزب الله وحماس بالمسؤولية عن معاناة الجنوب وغزة على التوالي). وهناك مدّ إعلامي عربي متأمرك (دون حاجة لسرد أسماء الصحف والقنوات التلفزيونية المعنية). وهناك أيضاً سياسيّ وقح «لسانه متبرّي منه» يكرَّس لإطلاق التصريحات والترّهات الأكثر إسفافًا (ياسر «جنبلاط» عندنا ووليد «عبد ربه» عندهم!). وأخيراً، هناك عمائم دنسة توفّر الغطاء الديني الشرعي الكذّاب لخطط العملاء في فلسطين وبرامج الاستئصاليين في لبنان!
وبسبب هذا الشبه، ولأن «الطيخ أخو البطيخ»، نطمئن الإخوة من حزب المقاومة في لبنان وفي كل مكان. فخصوم حزب الله هؤلاء كثيرو الجعجعة لكنهم حين يجدّ الجد سيكونون في جبن أيتام إسرائيل عندنا، ولن تلبث الركبان أن تطير بهم إلى فرنسا وأميركا وتل أبيب ــــ كل بحسب قِبلته التي هو متولّيها ــــ وستنبسط الأرض ليسيطر عليها الأقرب إلى قلب شعبه وأمته وضميرهما.
معركة حزب الله هي معركتنا. وقلوبنا وعقولنا وجوارحنا تتمنى وترجو الله أن ينصر حزب الله على خصومه!