بشارة شمالي
السلطة السياسية تمتلك وحدها حق استعمال العنف الشرعي: هذا ما تعلّمته على مقاعد الدراسة في الجامعة. من الناحية التطبيقيّة يظهر هذا الدرس في قمع أعمال الشغب، قمع الانقلابات على الدولة والحفاظ على الأمن القومي للبلاد. لطالما استخدم هذا العنف الشرعي إبّان الاحتلال السوري بالاعتقال، استخدام خراطيم المياه، وفرق مكافحة الشغب.
بعد زوال الاحتلال السوري والتمتّع بالسيادة والحرية والاستقلال، لعب الجانب الأمني دوراً مهماً من خلال التفجيرات،الاغتيالات، اعتقال الضباط الأربعة...
ففي كل انفجار كانت تطرح الأسئلة الآتية: من المسؤول؟ من المسؤول عن كشف المجرم؟ أين التحقيق؟ لكن حتى الآن لم نستطع أن نعلم حقيقة أي انفجار.
بالعودة إلى حق السلطة باستخدام العنف الشرعي، ومدى تطبيقه فعلاً سوف أعود لذكر حالتين من بين العديد منها كي تحصل مقارنة بسيطة بينهما: الحالة الأولى حصلت في صباح الخامس من شهر شباط عام 2006 فكانت التظاهرات باتجاه السفارة الدنماركية احتجاجاً على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد، في الوقت نفسه سمعنا الترحيب بهذه التظاهرات وأنه يجب الاطمئنان لأن المتظاهرين هم جمهور الرابع عشر من آذار.
وبعد ساعات تحولت التظاهرات الى اجتياح وغزو للأشرفية، فتم التعدّي على الأملاك العامة والخاصة، وكان تكسير المحال، وحرق المباني والسيارات، إضافة الى الاستيلاء على سيارات القوى الأمنية من أمن داخلي وجيش وحرقها. في المقابل لم نرَ استخدام العنف الشرعي الذي هو من حق السلطة. لماذا؟ وحده، الله يعلم.
أما الحالة الثانية، فقد جرت أحداثها في الثامن والعشرين من كانون الثاني 2008 و عُرفت «بأحداث مار مخايل»، على أثر انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، فكانت الاحتجاجات تعمّ المنطقة، إضافة إلى حرق الدواليب وقطع الطرقات. في الوقت نفسه كانت الأجهزة الأمنية، التي من واجبها الدستوري حماية حق التظاهر والتعبير عن الرأي، ترافق الأحداث عن بُعد. وبعد مرور الوقت، بدأ سماع أزيز الرصاص، لقطت الكاميرات بعض الشبان على أسطح المباني المجاورة، وظهر الجيش يطلق الرصاص في الهواء.
بالنتيجة، كانت الحصيلة مساءً سقوط سبعة شهداء من بينهم مسعف وأحد المنسّقين مع الجيش. أخذ التحقيق القضائي والعسكري مجراه على أم أن تصل الأمور الى نهايتها المطلوبة.
في النهاية، هاتان الحالتان المتناقضتان تم التعامل معهما بطريقة متناقضة، من جهة حتى اليوم ومنذ سنتين ما زال التعويض على أهالي الأشرفية ناقصاً. وغُزاتها حُرّروا من السجون بعد بضعة أيام. ومن يدري إن لم «يستشهدوا» في نهر البارد! ومن جهة أخرى، استشهد سبعة شباب في ريعان العمر، تم السكوت عن الجريمة لمصلحة التحقيق والسلم الأهلي والمصلحة الوطنية.