حيدر ناصر
جاءت تحدّثني عن وجهتي ومذهبي وعقيدتي ومنطقي ومعقل أهلي ومربض خيلي، وأين وُلدت وكيف نشأت دون أن تنبس ببنت شفة.
فسرمدية عينيها تكشف المستور وتحدّق في المجهول أو ما تريدك أن تعتقده المجهول. تدفن مشاعرها في باطن دفين وتُسكن في عقلها أفكارها هي وحدها.
تعلم ما يجب عمله، الآن وغداً وفي كل ظرفٍ قد تكون عاشته أو لم تعشه بعد. تعلم ما هو الحق وما هي الحقيقة ولا تلمّح بانتمائها.
هي تعلم من تكون وتعلم من أكون وقد لا يعنيها من أكون أو قد يعنيها. لا أعلم. دوامة من الغموض.
تعابير الاحترام ركيكة عليها، فهي مصدر الهيبة متى حلّت وأينما وجدت.
تخبّئ خلف ستار هيبتها جمالاً أخّاذاً، وعينين تحاكيان الماضي والحاضر والمستقبل، لتطلّ بهما على نافذة التاريخ فتريك في ومضة خاطفة من عمر هذا الزمان كيف كانت فاطمة وزينب وسكينة.
شفتاها أطيب وأحلى من عناقيد جميع العصور. تمزجهما لتسمعك ما قلّ و دلّ في إناءٍ من الذكاء وسرعة البديهة، فتسكرك وتطربك في وقتٍ قصير تتمنّاه لو كان طويلاً.
بياض وجهها لا تزول نصاعته. هو دائم البرودة ويشعل في قلبي ناراً تقتلني وتغسلني وتطهّرني وتصقلني.
علمت منها كيف يجب أن أكون. علّمتني أن القصور التي كنت أعتقد أني بنيتها هي على قياس أقزام ولا تصلح حتى أكواخاً. أفرجت لي مساحات ضئيلةً ضئيلة فتسلّلت قليلاً قليلاً إليها، فعرفتها من جديد رائعةً هي أينما حلّت وكيفما وجدت. وعندها أبلغتني أنّ النساء اللواتي كنّ يشعرنني أنّي جميل هنّ بالحقيقة يجعلنني قبيحاً. فأرشدتني إلى طريق الطهر وأعلم أني أطهر منها وأحب الله وملائكته أكثر منها، لكنها رسمت الطريق فسرتها.