أحمد الزين *
كتب السيد عمر نشابة في عدد 6/2/2008 من جريدة «الأخبار» شيئاً عن الدعوى التي رفعتها بوكالتي عن السيد فخري كريم أمام محكمة المطبوعات في بيروت، على مجلة «الآداب»، لنشرها مقالاً كتبه السيد سماح إدريس، ينطوي على ذم وقدح بموكلي. إذا كان السيد نشابة قد كتب ما كتبه دون أن يقرأ النص الكامل للدعوى، فليس من حقه أن يكتب عنها... إلا إذا كان يعمل بالقاعدة الجاهلية: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً! أما إذا كان قد كتب ما كتبه بعد قراءة النص الكامل للدعوى، فيكون قد حاول دون وجه حق، إفراغ الدعوى من سندها القانوني عن طريق تشويه الوقائع المسندة إليها، بالزعم أنها مبنيّة على استنتاج مجرد ينسب إلى السيد سماح إدريس مشاعر الضغينة ضد فخري كريم، وأنها مسندة إلى كلمة «سارق» التي لا وجود لها في مقال السيد إدريس المشكوّ منه.
تعرّف المادة 385 من قانون العقوبات اللبناني «الذم» بأنه: «نسبة أمر إلى شخص ولو في معرض الشك أو الاستفهام ينال من شرفه أو كرامته». وتعرّف المادة نفسها «القدح» بأنه: «كل لفظة ازدراء أو سباب، وكل تعبير أو رسم يشفان عن التحقير». ولقد طرح إدريس في مقاله السؤال التالي: «... هل يعرف المدعوون إلى مهرجان المدى ممّن طبّل وزمّر لإنجازات كردستان الديموقراطية مَن هو مدير مهرجان المدى، الأستاذ فخري كريم؟».
وسارع إدريس إلى الإجابة عن سؤاله ليقول: «فيكفي أن يلتقوا بأي شيوعي عراقي مخضرم نظيف من حزب الرفيق فهد، ليعلموا أين آلت أموال الحزب الشيوعي العراقي... وأموال مجلة النهج ودار المدى، وليعلموا صلات بعض الشيوعيين العراقيين القدامى/ الجدد بمخابرات صدام نفسه في الستينات والسبعينات، فضلاً عن المخابرات العربية والأميركية والبريطانية في ما تلى ذلك من عقود». وليثبت إدريس أنه يقصد بالتحديد، بكلامه أعلاه، السيد فخري كريم يتابع قائلاً: «أم أن ذلك كله لا يهم ما دام بعض المتمولين العراقيين الكبار الحديثي النعمة، يقيمون المهرجانات الثقافية، ويدعمون الثقافة الشعبية بكتاب مجاني يوزع بالملايين كل شهر...».
على هذا الأساس نقول للسيد عمر نشابة: إن كنت لا ترى ذمّاً وقدحاً في تلك العبارات، وإن كنت لا تراها تنال من شرف السيد فخري كريم أو كرامته، ولا ترى ما تنطوي عليه من تحقير لإنسانيته وتاريخه، إن كنت لا ترى كل ذلك رغم أنها تنسب إليه سرقة أموال والعمالة لعدة مخابرات، فيصبح السؤال المشروع في مثل هذه الحال: ما هو مفهوم الشرف عندك والكرامة؟
وبالإضافة إلى ذلك، ارتكب ادريس جرم التحقير والإهانة لا بحقّ السيد فخري كريم وحده بل بحق مئات من المثقفين والصحافيين الذين حضروا مهرجان المدى الثقافي في أربيل حين سأل في مقاله: «فهل يندرج مهرجان المدى ضمن خطوات الطالباني (ومستشاريه الثقافيين) لشراء ضمائر المثقفين والصحافيين العراقيين والعرب وكمّ أفواههم عن قول الحقيقة...؟».
لم أقرأ ما نشرته جريدة المدى بحق شخصيات لبنانية ذكر أسماءهم السيد نشابة. فإذا كانت «المدى» قد نعتتهم فعلاً بأنهم «زمر عناصر المخابرات العراقية السابقة والمستفيدين من مدفوعاتها» فأنا من المستعدّين للادعاء على جريدة المدى دفاعاً عن السادة المذكورين إذا أرادوا الادعاء، وذلك لأنني ممّن يعتقدون مع القاضي الجليل الراحل الرئيس يوسف جبران بأن «الحرية تنبع من كرامة الإنسان. فليَحقّ للصحافي أن يطالب بالحرية، يجب أن يكون، في ما يكتب وينشر، محافظاً على كرامته وعلى كرامة الآخرين، وإلا يجب أن يُعاقب وأن يكون عقابه زاجراً». لقد نشرت «الأخبار» مقالات عديدة، تضامناً مع مجلة «الآداب» ومع حرية الرأي والتعبير. مقالات تستنكر اللجوء إلى القضاء إلاّ في حال تمنّع الوسيلة الإعلامية عن نشر الرأي المضاد. لقد قلنا في الدعوى إن من حق إدريس أن يعبّر عن رأيه في أوضاع العراق وكردستان وفي مهرجان المدى الثقافي، لكن في إطار الكلمة المسؤولة والبحث الموضوعي الرصين. لقد قال ادريس في قسم كبير من مقالته ما يريد على الصعد المشار إليها، فما حاجته للذم والقدح بالسيد فخري كريم؟ فيا أيها الأصدقاء المتضامنون مع مجلة «الآداب»، لو اتُّهم أحدكم غداً على صفحات مجلة أو جريدة، أو على شاشة تلفزيون أو في موقع إنترنت أو على موجة أثير بالعمالة لمخابرات دولة أو عدة دول، أو بسرقة أموال اؤتمن عليها، أو بشراء ضمائر مثقفين وإعلاميين... وهذا مألوف في عالمنا العربي. هل يمكن الكلام في هذه الحال على «رأي مضاد» يبديه المتهم بكل تلك الجرائم؟ وهل لغير القضاء أن يتهم؟ وهل من ملجأ غير القضاء في مثل هذه الحال؟
* محامٍ ووكيل فخري كريم، صاحب جريدة «المدى»




ما قد يستفيد منه أحمد الزين

•عمر نشابة

القانون هو الذي يحدّد الحقّ في الكتابة لا وكيل صاحب جريدة استخدمت القدح والذمّ بحقّ ناشرين وسياسيين ومثقفين عرب ولبنانيين. ويُستغرب أن تصدر عن أحمد الزين أحكام عمّا «يحقّ» وما «لا يحقّ».
على كلّ حال النصّ الذي نشر في «الأخبار» في عدد 6/2/2008 ليس فيه «زعم أنها (دعوى كريم على «الآداب») مبنيّة على استنتاج مجرد ينسب إلى السيد سماح ادريس مشاعر الضغينة ضد فخري كريم» بل الحقيقة هي أن وكيل صاحب جريدة المدى يصف في نصّ الدعوى مشاعر ادريس، وهو أمر ليس من اختصاصه.
أما ما يتعلّق بالكرامة الانسانية، فإن وكيل فخري كريم الذي تربط وكيله بالسلطات الأميركية علاقة جيدة، فقد يستفيد من مراجعة سجلّ هذه السلطات في إذلال الناس والمسّ بكرامات شعب بأسره، وتدمير مقومات العيش فيه.
لقد جمع الدكتور سماح ادريس معلوماته عن تاريخ فخري كريم من مناضلين شرفاء في الحزب الشيوعي العراقي، وقد يتأكد الزين من صحة تلك المعلومات عبر الاتصال بهم (وإذا أراد يمكنني تزويده بالعناوين والأسماء) كذلك قد يستفيد الزين من قراءة جريدة موكله ليكتشف في صفحاتها قدحاً وذمّاً بحقّ كرامات الناس. فلننتظر دعوى أحمد الزين على وكيله ليؤكد بذلك أن كلامه ليس مجرّد حبر على ورق.