حسام كنفاني
كيف استطاع عرفات القبض على مركز القرار؟

جمع الكاتب والمفكّر الفلسطيني بلال الحسن باقة من مقالاته في كتابه الجديد الذي حمل اسم «قراءات في المشهد الفلسطيني ـــــ عن عرفات وأوسلو وحق العودة وإلغاء الميثاق»، ليعيد القارئ خلاله إلى الفترة التي أعقبت مؤتمر مدريد وأوصلت إلى اتفاقات أوسلو وبعض ما أعقب الاتفاق من مفاوضات عديمة الجدوى.
وقد يكون الفصل الأبرز في الكتاب «عن عرفات»، إذ يجيب الحسن عن سؤال لطالما راود المتابعين للشأن الفلسطيني، وهو كيف استطاع الزعيم الراحل ياسر عرفات القبض على مركز القرار الفلسطيني رغم وجود قيادات في منظمة التحرير والفصائل الأخرى لا تقلّ عنه ذكاءً.
إجابة الحسن تعتمد على صفات ميّزت الزعيم الراحل، ولم تكن متوافرة في غيره، قد يكون أبرزها حرصه على الوجود الدائم في موقع الحدث وعند إشعار أي من أفراد التنظيم الفلسطيني غيابه، ولو خلال أسفاره الكثيرة. كذلك فإنه كان حريصاً على إخفاء غايته السياسية، ولم يلزم نفسه بسقف أهداف تقيِّد حركته السياسية، وذلك في إطار سعيه لـ«البحث عن إنجاز».
وينتقل الحسن لاستعراض مراحل مفاوضات مدير ودور وزير الخارجية الأميركي الأسبق، جيمس بيكر، في تبني المقاربات الإسرائيلية وتسويقها على اعتبار أنها أساس للتفاوض والسلام، ولا سيما في ما يخص بداية القضية الفلسطينية، اختصرتها المفاوضات بحرب عام 1967 وما تلاه، متجاهلة معاناة نكبة عام 1948.
ورغم عدم تطرّق الحسن في كتابه إلى المفاوضات القائمة حالياً بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، إلا أن من الممكن إسقاط تحضيرات مؤتمر مدريد على «أنابوليس»، ومقارنة ما أعقب ذلك مع القائم حالياً، ولا سيما أن المماطلة الإسرائيلية والانحياز الأميركي هما نفسهما في الحالتين.
وقد يكون مقال «السوق الشرق أوسطيّة الجديدة» هو من أهم فصول الكتاب، ولا سيما الإضاءة التي يقدمها الحسن على البنود الاقتصادية في اتفاق أوسلو، التي لم يكن لها ذكر في المراحل التفاوضية السابقة له. ويدعِّم الفكرة بمقاطع من كتاب الرئيس الإسرائيلي الحالي شمعون بيريز «الشرق الأوسط الجديد» ودراسات أميركية وللبنك الدولي تربط أي خطط تنموية للمنطقة العربية بإسرائيل، عبر مشاريع شق طرق، كلها تمر عبر إسرائيل لتوصل إلى دول المشرق العربي.
وفي مقالة عن اتفاق أوسلو كتبت عام 1995، يفنّد الحسن مقولة «مصالحة تاريخية» التي وردت في الاتفاق، ليؤكّد أن ما حدث مجرّد «تسوية سياسية» قد تنجح وقد تفشل، ويشير إلى أن المصالحة التاريخية لا يمكن أن تكون من دون الاتفاق على كل نقاط الصراع، وهو ما لم يقدّمه اتفاق أوسلو للفلسطينيين خصوصاً.
ورغم أهمية الكتاب، ولا سيما المقال عن إلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني، إلا أنه لا يتطرّق إلى «المشهد الفلسطيني» الحالي، الذي قد يكون أخطر مما كان قائماً قبل عشر أو خمس عشرة سنة، ولا سيما حال الانقسام السياسي والجغرافي، الذي من المفيد أن يقدّم الحسن قراءته له.
* من أسرة الأخبار





العنوان الأصلي
قراءات في المشهد الفلسطيني
إعداد:
بلال الحسن
الناشر
المؤسسة العربية للدراسات